رؤية تقييمية لتعديل اللائحة الداخلية لمجلس النواب الصادر عام 2021
* الكاتب: د. فتحي فكري - أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، عضو لجنة الخبراء العشرة لدستور 2014، وزير القوى العاملة والتنمية الإدارية الأسبق
** تنشر "منشورات قانونية" هذا المقال بإذن خاص من الكاتب
من إيجابيات دستور 2014 إصدار اللائحة الداخلية لمجلس النواب بقانون ([1])، مما يتيح السبيل، لمراقبتها من قبل المحكمة الدستورية العليا ([2])، وهو الأمرالذى تعذر فى الماضى ، بحسبان أنها كانت تُعد من قبيل الأعمال البرلمانية التى تفلت من الرقابة القضائية ، بما فيها رقابة الدستورية ([3]) .
وقد صدرت اللائحة الحالية بالقانون رقم (1) لسنة 2016 عقب تشكيل أول مجلس نيابى قى ظل الدستورالحالى .
وفى عام 2019 عُدل الدستور ، وانعكست بعض هذه التعديلات بطريق مباشرعلى جانب من نصوص اللائحة ( أولاً ) ، مما فرض إعادة النظر فى شق من بنودها لتتوافق مع الوثيقة الدستورية فى ثوبها الأخير . وتم اغتنام الفرصة لإجراء تنقيحات طالت موضوعات أخرى ( ثانياُ ) ، وهو ما تحقق بالقانون رقم 136 لسنة 2021 ([4]) .
وستكون لنا وقفة مع هذه التعديلات بمحوريها من منظور تحليلى نقدى ، لن تقف عند ما تم ، بل ستتناول بعض الموضوعات المرتبطة التى بقيت على حالها ، رغم وشائج الصلة التى تشدها بقوة بالنصوص التى أُعيد النظر فيها .
أولاً- التعديلات االتى فرضها التنقيح الدستورى لعام 2019 :
منذ تعديل دستور 1971 سنة 1980 وحتى عام 2014 كانت السلطة التشريعية تتشكل من غرفتين (مجلس الشعب أو مجلس النواب ([5])، ومجلس الشورى ).
وحينما جرى الإعداد لوضع الدستورالقائم انحازت السلطة التأسيسية لبرلمان الغرفة الواحدة ( مجلس النواب ) ، مما طرح التساؤل عن وضع الأموال المملوكة لمجلس الشورى .
تصدت المادة 245 من الدستور للمسألة بالنص فى عجزها على أن تؤول " إلى مجلس النواب أموال مجلس الشورى كاملة " .
وخصصت اللائحة الداخلية لمجلس النواب المواد 398 إلى 401 لتبيان كيفية
إدارة تلك الأموال وأحوال التصرف فيها ([6]) .
وحينما بعثت للحياة من جديد الغرفة البرلمانية الثانية بتعديل 2019 ،
استردت هذه الغرفة أموالها ([7]) ، وتعين من ثم محو المواد المنوه عنها من لائحة مجلس النواب .
واستتبع وجود الغرفة الثانية ، مجسدة فى مجلس الشيوخ ، استحداث العديد من الأحكام :
- وضعت المادة 353 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب قائمة بحالات عدم الجمع بين عضوية المجلس وبعض الوظائف والمناصب الأخرى ، وبتعديل 2021 إضيف للقائمة عضوية مجلس الشيوخ .
وجاءت تلك الإضافة نفاذاً للدستور وإلتزاماً بأحكامه.
فالدستور منع فى المادة 252 الجمع بين عضوية مجلس الشيوخ ومجلس النواب ([8]) .
وهذا الحظر([9]) يقضى به المنطق . فلا يتصور – حال السماح بالجمع - أن يفى العضو بأعباء عضوية كلا المجلسين بالقدر الواجب ( حضور الجلسات العامة والمشاركة الجادة فى مناقشاتها – حضور اجتماعات اللجان - دراسة مشروعات القوانين المعروضة أو المساهمة فى تقديمها – تقييم الأدوات الرقابية قبل التصويت عليها .. الخ ) .
وفى الوضع القائم يُعد مجلس النواب مجلساً نيابيا بأدواره التشريعية والرقابية ، فى حين أن مجلس الشيوخ أقرب إلى المجالس الإستشارية ، وجواز الجمع بين المجلسين بعنى أن العضو ستكون له اختصاصات فى المجلس الأول لا يملكها فى المجلس الثانى ، وهو أمر يتعذر تقبله .
وفى بعض الفروض يتغيا الإزدواج البرلمانى توسيع قاعدة المشاركة السياسية ، والسماح بالجمع يطيح بالهدف ويفضى إلى نقيض مقصوده والمراد منه ([10]) .
وإقرار قاعدة عدم الجمع تستلزم وضع نظام لإنهائه حال تحققه .
واجدبت لائحة مجلس النواب ([11]) من أدنى ذكر لمثل هذا النظام . وبالرجوع لقانون مجلس الشيوخ رقم 121 لسنة 2020 نقابل المادة 47 التى حددت فى الفقرة الأولى منها حالات عدم الجمع بنصها على أنه " لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس النواب وعضوية مجلس الشيوخ أو الحكومة أو المجالس المحلية أو منصب المحافظ أو نائب المحافظ أو مناصب رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية أو عضويتها أو وظائف العمد والمشايخ أو عضوية اللجان الخاصة بهما " .
وكان الطبيعى أن تُعين الفقرة التالية آلية فض الجمع حال حدوثه ، فهل صدق هذا التوقع ؟
بالرجوع للفقرة المار ذكرها نجدها تنص : " وإذا عُين أحد أعضاء المجلس فى الحكومة أو فى أى منصب آخر مما ذكر ، يعتبرمتنازلاً عن عضويته بمجلس الشيوخ ما لم يتقدم باعتذار مكتوب عن عدم قبول التعيين إلى مكتب المجلس خلال أسبوع على الأكثر من تاريخ علمه بقرار التعيين " ([12]) .
وهذ النص يغص بعدم الإحكام :
- انصرف النص إلى الوظائف والمناصب التى لا يجوز لعضو مجلس الشيوخ أن يجمع بينها وبين العضوية ، والدليل على ذلك ابتناء أحكامه على صدور قرار بالتعيين فى هذه الأماكن . وعضوية مجلس النواب أو الشيوخ لا تُعد من قبيل الوظائف أو المناصب إلادارية .
- على فرض حمل قرار التعيين إلى التعيين فى مجلس النواب فى النسبة المخصصة لرئيس الجمهورية ([13]) ، فماذا عن عضو الشيوخ الذى يظفر بعضوية مجلس النواب بالانتخاب ؟
وبعيداً عن الوضع فى مجلس الشيوخ ، يظل الفراغ هو سيد الموقف فى حالات الجمع المحتملة فى مجلس النواب .
وقصارى القول أن تعديل اللائحة الداخلية لمجلس النواب عام 2021 غاب عنه التصدى لبيان كيفية فض الجمع بين عضويتى مجلس النواب والشيوخ ، ومن ثم لازالت تلك الإشكالية تنتظر مخرج تشريعى لها .
- من مهام مجلس الشيوخ – وفقاً للفقرة الرابعة من المادة 249 من الدستور -المضافة فى تعديل 2019- ابداء الرأى فى مشروعات القوانين العادية أو
المكملة للدستور التى تحال إليه من مجلس النواب ([14]) .
وترك النص للوائح الداخلية تحديد تفاصيل تفعيله ، وفى مقدمتها بيان توقيت تلك الإحالة .
واتفاقاً مع ذلك حُملت المادة 158 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب بفقرة جديدة نصها : " وللمجلس أن يحيل مشروعات القوانين فى أى مرحلة قبل أخذ الرأى النهائى عليها لمجلس الشيوخ لإبداء الرأى بشأنها " .
وهذه الصيغة أعطت مساحة واسعة من التقدير لمجلس النواب فيما يتعلق بالوقت الذى يحال فيه مشروع القانون لمجلس الشيوخ لإبداء الرأى حوله . والأنسب ، فى رأينا ، كان النص بأن تتم الإحالة عقب ورود تقرير اللجنة النوعية المختصة ، وقبل أى مناقشة عامة للمشروع . فهذا التصور أكثر اتفاقاً مع روح النص الدستورى ، لكونه يتيح رأى مجلس الشيوخ ( مجلس الخبراء ) قبل بداية المناقشات العامة ليكون تحت بصر الأعضاء ، بما يمكنهم من تأمله وتقييم ما تضمنه من طروحات .
- فى فترة الغرفة البرلمانية الواحدة ، واستجابة لضرورة وجود من يسير المسائل الإدارية والمالية حال حل مجلس النواب ، اناطت المادة 417 من اللائحة الداخلية للمجلس برئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه من الوزراء ، الاضطلاع بتلك المهام .
وبعد ميلاد مجلس الشيوخ ، أضحى الفهم السليم أن تناط بهذا المجلس المهام المشار إليها . وينهض بنفس الدور مجلس النواب عند حل مجلس الشيوخ .
واحنفظت المادة 417 بالدور إلذى كان مقرراً لمجلس الوزراء أثناء حل المجلسين , مع مراعاة اختفاء مكنة تفويض أحد الوزراء فى ذلك .
والغاء تفويض أحد الوزراء منطقى ، فالمفروض حينما تحل سلطة محل أخرى أن تكون من ذات المستوى لا أقل ، وهو ما يحققه النص فى صياغته الأخيرة .
- أضيف للمادة 83 من اللائحة الداخلية فقرة رابعة مقتضاها تمثيل مجلس النواب والشيوخ مصر قى المؤتمرات البرلمانية الدولية ، وفقاً للقواعد التى يتفق عليها مكتبا المجلسين .
وهذا النص وضع مجلس الشيوخ فى ذات مرتبة مجلس النواب ، رغم الخلاف البين بينهما فى المهام والاختصاصات .
ففى المجال التشريعى لا يتعدى دور مجلس الشيوخ ابداء الراى ، سواء فى الحالات الإلزامية ([15]) ، أو الفروض الإختيارية ([16]) التى يؤخذ فيها الرأى بناء على إحالة من رئيس الجمهورية أو من مجلس النواب ([17]) .
ووقوف دور مجلس الشيوخ عند حد إبداء الرأى يجعل تصنيف المجلس أدنى للجهات الإستشارية ([18]) ، وأبعد من أن يكون جهة تشريعية .
ولا يختلف الحال بالنسبة للوظيفة الرقابية ، فالنصوص حجبت عنه هذا الدور ([19]) .
من هنا ليس منطقيا مشاركة مجلس الشيوخ تمثيل الدولة فى المؤتمرات البرلمانية التى يفترض فى من يؤمها التمتع بقدر أو بآخر من المهام البرلمانية التشريعية والرقابية بالمعنى الدقيق .
ثانياً – تعديلات نقحت بعض الأوضاع القائمة :
لحق باللائحة الداخلية لمجلس النواب عدة تغييرات طالت بعض جوانب الهيكل البرلمانى (أ) ، ونظام العضوية (ب) ، وكذا الدور التشريعى والرقابى للمجلس النيابى (ج) .
أ) تغييرات الهيكل البرلمانى : تنصرف تلك التغييرات إلى استحداث منصب الوكيل الأول ، وتفعيل تمثيل الأحزاب فى اللجنة العامة ، وإعادة النظر فى عضوية اللجان وتشكيل مكتبها .
1- استحداث منصب الوكيل الأول :
جرت اللائحة الداخلية للبرلمان فى ظل دستور 1971 على أن ينتخب المجلس ( النيابى ) فى أول اجتماع له .. رئيساً ووكيلين ([20]) .
وتعزى الثنائية فى منصب الوكالة – على الراجح – لما كان ينص عليه الدستور المار بيانه من تخصيص نسبة لا تقل عن 50 % من مقاعد البرلمان للعمال والفلاحين ([21]) ، ومن الطبيعى إزاء ذلك أن يكون لهؤلاء دور فى إدارة المجلس ، وهو ما كان يترجم فى اختيار أحد الوكلاء من الفئات ، والآخر من العمال والفلاحين .
ولم يظهر هذا التخصيص بتلك النسبة ([22]) فى دستور 2014 ، نظراً لأنه كان منتقداً فى ذاته ، وفيما أفرزه التطبيق ([23]) من تحايل للاستفادة - بغير وجه حق - من تيسيراته لإقتناص المقاعد النيابية .
ومع ذلك استمرت لائحة مجلس النواب الصادرة 2016 فى تطلب اختيار المجلس لوكيلين بجوار الرئيس ، عوضاً عن مراجعة الوضع بصورة أشمل تطول مكتب المجلس ، كما سنوصح بعد قليل .
وارتبط بهذا التصورللائحة 2016 امتلاك رئيس المجلس النيابى سلطة تقديرية واسعة فى اختيار الوكيل الذى يفوضه فى جزء من اختصاصاته ، أو إنابته فى رئاسة بعض الجلسات ([24]) .
وبخلاف فروض التفويض أو الإنابة ، تدخل المشرع لفض إشكالية الاختيار بين الوكيلين وفقاً لمعيار التناوب ، وهو ما تنبئنا به الفقرة الثانية من المادة العاشرة من اللائحة الداخلية فى صورتها الأولى بقولها " وإذا غاب الرئيس ، تولى رئاسة الجلسات أحد الوكيلين بالتناوب .. " .
والحل الذى تفتق ذهن الشارع عنه غير حاسم بشكل كامل ، حيث يظل السؤال معلقاُ : ماهو ضابط انطلاق تطبيق التناوب ؟
وفى حالات أخرى ترك الوضع معلقاً ، فالفقرة الأخيرة من المادة الثامنة من اللائحة تتيح للرئيس الإشتراك فى أية مسألة معروضة شريطة التخلى عن رئاسة الجلسة ، ليتولاها " أحد الوكيلين " إلى حين انتهاء المناقشات التى يشارك فيها الرئيس، وهنا يطرح السؤال هل سيتم تحديد الوكيل الذى سيتولى رئاسة الجلسة من قبل الرئيس نفسه ، أم سيستدعى مخرج آخر يتم الاختيار وفقاً له ؟
وتفادياً للأوضاع السابقة عُدلت المادة 12 / 3 من اللائحة ، لاستحداث منصب الوكيل الأول ، الذى سيتقلده الحاصل على أعلى الأصوات فى انتخابات الوكالة ، وفى حالة التساوى فى الأصوات يكون المنصب من نصيب الأكبر سناً .
واستناداً لهذا التعديل فقد رئيس مجلس النواب سلطته التقديرية فى اختيار من يحل محله حال غيابة ([25]) ، أو اشتراكه فى المناقشات البرلمانية ([26]) ، حيث انيط ذلك بالوكيل الأول ([27]) بنص القانون ([28]) .
ومن المثير للاستغراب أن يحظى منصب الوكالة بهذا القدر من الإهتمام ، فقد كان الأجدر بالاهتمام حقاً تشكيل مكتب المجلس الذى يتكون من الرئيس والوكيلين ([29]) ، أى ثلاثة أعضاء فقط ، فى حين يبلغ عدد الأعضاء حالياً 596 عضواً . وهو ما يكشف عن التدنى الشديد لنسبة أعضاء مكتب المجلس مقارنة بإجمالى العضوية البرلمانية .
ومن المفارقات ذات المغزى أن مكتب أى لجنة نوعية يتكون من أربعة ([30]) أعضاء : الرئيس ووكيلان وأمين للسر ، وبطبيعة الحال لا محل لمقارنة حجم عضوية اللجنة النوعية بحجم عضوية المجلس ككل .
وبعيداً عن الرجوع للقانون المقارن ، وقصر الاستشهاد على تاريخنا الدستورى يتأكد التراجع الحاد فى هذه الجزئية ، فمكتب مجلس النواب فى العهد الملكى تشكل من عشرة أعضاء ( الرئيس ووكيلين وأربعة سكرتيرين وثلاثة مراقبين ) ([31]) .
ونظراً لثبات التشكيل الثلاثى منذ لائحة 1972 ([32]) ، والاصرار عليه فى لائحتى 1979 ([33]) ، 2016، رغم التعديلات التى لحقت بهما ، فإننا نتطلع إلى أن يُنص على تشكيل مكتب المجلس فى صلب الدستور ، مع التوسع فى دائرة تشكيله ، ترجمة لأهمية اختصاصاته ([34]) ، وبما يسمح لمعظم الاتجاهات بالتمثيل فيه ، توافقاً مع المفاهيم الديمقراطية ، واتساقاً مع حقيق التعددية الحزبية.
ولا يحاج فى ذلك بأن تشكيل المكتب من التفاصيل المتروكة عادة للوائح الداخلية للمجالس النيابية ، فقد رأينا كيف تجمد موقف اللائحة الداخلية فى هذا الصدد ، وتغاضيها عما لحق النظام الدستورى من تطورات . ففى عام 1972 لم نكن نعرف التعددية الحزبية ، وكان جميع النواب بمجلس الشعب أعضاء فى التنظيم السياسى الواحد ( الاتحاد الإشتراكى العربى ) ، مما أفقد تشكيل مكتب المجلس ، وخصوصاً عدد الأعضاء فيه جل قيمته . وحينما تُبنيت التعددية الحزبية فى 1977 ، لم تلق اللائحة بالاً لتوافق تشكيل مكتب المجلس مع هذا التغيير فى بنية الحياة السياسية والدستورية . وظل منطق التجاهل سائداً حتى حينما ارتفع عدد أعضاء البرلمان من 454 عضواً فى دستور 1971 ، إلى ما يناهز الستمائة عضواً فى الدستور الحالى .
ويضاف إلى ما سلف أن بعض القواعد يمكن أن تنتقل من المصاف اللائحى إلى المستوى الدستورى ، طالما توافرت مقتضيات لهذا الانتقال ، ففى فرنسا تضمن الدستور الحالى النص على تنظيم جوانب عدة لجدول الأعمال بعد أن كان من موضوعات اللائحة الداخلية ([35]) . ولم يحل دون ذلك أن جدول الأعمال من أخص مفردات اللائحة الداخلية فى أى برلمان .
2- تفعيل تمثيل الأحزاب فى تشكيل اللجنة العامة :
حينما صدرت لائحة مجلس النواب فى 2016 أرجأت اشتراك ممثلى الهيئات البرلمانية للأحزاب السياسية فى تشكيل اللجنة العامة للفصل التشريعى التالى لصدوراللائحة ، وقيدت هذا التمثيل - حينما يحين الأجل المضروب - بحصول الحزب على عشرة مقاعد أو أكثر ([36]) .
وإذ أُعد التعديل اللائحى فى الفصل التشريعى الثانى ، فقد كان لزاماً تحرير النص من القيد الزمنى المانع من تمثيل الأحزاب فى اللجنة العامة .
وفضلاً عن ذلك هبط التعديل بنصاب الحد الأدنى لتمثيل الأحزاب باللجنة العامة بالحصول على ثلاثة مقاعد ، بدلاً من عشرة مقاعد ([37]) .
وقد يبدو تخفيض عدد المقاعد المتطلبة لتمثيل الأحزاب باللجنة العامة خطوة نحو تمثيل أوسع للأحزاب فى أحد أهم الأجهزة البرلمانية . والواقع أن لدينا ما يربو على مائة حزب ، المتواجد منها فى ساحة البرلمان عدد ضئيل للغاية ، مما يدفع للبحث فى الأسباب الكامنة وراء ذلك ، وهل هو النظام الانتخابى ؟ أم النصوص المنظمة للعمل الحزبى ، والتى تقيد التواصل مع الشارع السياسى ؟ أم أن هناك أسباب أخرى لهذا الواقع ، يتعين الإنكباب على دراستها للتوصل لعلاج ناجع لها ، لتتسع ساحة البرلمان لتمثيل مقبول للاتجاهات المتبانية إثراء للحياة السياسية .
3- مراجعة ضوابط عضوية اللجان النوعية وتشكيل مكاتبها :
تطرقت تعديلات اللائحة إلى اللجان النوعية من زاويتين :
تقديم طلبات عضوية اللجان ومعايير المفاضلة بينها حال تزاحمها :
من واجبات عضو البرلمان المشاركة فى عضوية إحدى اللجان النوعية ([38]) .
ونظمت المادة 39 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب الكيفية التى ستحدد اللجنة التى سيشارك العضو فى تشكيلها .
وتتمثل الخطوة الأولى فى تقديم النائب طلباً ([39]) يحدد فيه اللجنة التى يرغب فى عضويتها .
وتوقعاً للتكالب على عضوية احدى اللجان ، كان من الضرورى وضع معايير للمفاضلة بين الطلبات المقدمة .
وفى تحديد تلك المعايير أوضحت المادة 39 / 2 من اللائحة حال صدورها ، اضطلاع مكتب المجلس بالتنسيق بين هذه الترشيحات " بمراعاة إعطاء أولوية الاختيار لأقدم الأعضاء فى عضوية اللجنة التى يطلب الترشيح لها ، ثم لذوى الخبرة والتخصص فى مجال نشاط اللجنة " .
وهكذا تصدرت الأقدمية معايير المفاضلة لعضوية اللجنة ، وهو أمر تدعونا عدة اعتبارات للتحفظ عليه :
- لا محل لتطبيق هذا المعيار فى بداية أى فصل تشريعى ، حيث أن لكل فصل ذاتيته ، ومن ثم فلا موضع للقياس على ما سبقه .
- لا يخلو معيار الأقدمية فى الإطار المشار إليه من طابع شخصى لا ينسجم مع الغاية المستهدفة ، ألا وهى تزويد اللجان بإعضاء من ذوى الخبرة فى نشاطها لضمان فاعليته .
- الأقدمية لا تعنى دوماً أن العضو ساهم المساهمة الواجبة فى أعمال اللجنة ، مما يخفض من وزن هذا المعيار كضابط لعضوية اللجان النوعية .
وربما مثلت المثالب السابقة الدافع الرئيس لتنقيح النص ليصبح التخصص فى أعمال اللجنة هو المعيار الحاكم فى عضويتها .
فوفقاً للنص على إثر تنقيح 2021 : " ويتولى مكتب المجلس التنسيق بين هذه الطلبات مراعياً التخصص واختصاصات اللجان قدر الإمكان ، وذلك كله وفقاً للقواعد والشروط والمواعيد التى يحددها مكتب المجلس " .
والتخلى عن معيار الأقدمية لا يجعل الفقرة المعنية مبرأً ة من المعايب ، فعملية التنسيق يتولاها مكتب المجلس ، والفرض أنه هيئة جماعية ، إلا أن تأمل اللائحة يفيد أن القرار فى مكتب المجلس يملك ناصيته الرئيس . فالمكتب يتكون من الرئيس والوكيلين ([40]) ، وتتخذ القرارات فيه بالأغلبية " على أن يكون من بينهم الرئيس " ([41]) ، وهكذا إذا اتفق الوكيلين ، لا يصدر القرار حال رفض الرئيس ، مما يعنى تغلب الأقلية على الأغلبية نقيضاً للقواعد الديمقراطية فى مجلس يفترض أنه واجهة الديمقراطية الأولى فى البلاد . بل أن الأمر يشكل مخالفة دستورية جهيرة للمادة الأولى من الوثيقة الدستورية التى تنص على أن الدولة نظامها ديمقراطى ، بما يعنيه ذلك ، بلا خلاف ، من ترجيح رأى الأغلبية لا العكس .
ولعل سابق اقتراحنا بتوسيع عضوية مكتب المجلس يُعين فى التغلب على هذه النقيصة غير اليسيرة .
اختيار مكاتب اللجان النوعية :
وفقاً للصياغة التى صدرت بها المادة 42 من اللائحة الداخلية " تنتخب كل لجنة فى أقرب وقت ممكن ، فى بداية كل دور انعقاد عادى من بين أعضائها رئيساً ووكيلين وأميناً للسر ، وذلك بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائها .
" وتقدم الترشيحات كتابة إلى رئيس المجلس خلال الفترة التى يحددها مكتب المجلس ، ويعلن رئيس المجلس هذه الترشيحات لأعضاء المجلس . وتجرى الانتخابات بين المترشحين بطريق الاقتراع السرى تحت إشراف لجنة يُشكلها مكتب المجلس من بين أعضاء اللجان غير المتقدمين لمناصب مكاتب اللجان .
وإذا لم يتقدم للترشيح أحد غير العدد المطلوب أُعلن انتخاب المترشحين بالتزكية.
" ويعلن رئيس المجلس نتيجة انتخابات مكاتب اللجان ، ويبلغها إلى الوزراء الذين تدخل أعمالهم فى اختصاصات اللجنة " .
ولم يمس التعديل الفقرة الأولى من النص حيث ظلت كما هى ، مع أنه كانت هناك فرصة سانحة للعودة لما كانت تنص عليه لائحة مجلس الشعب لعام 1979 المحددة لفترة اقصاها عشرة أيام لانتخاب مكتب اللجنة النوعية ([42]) . وتلك الصياغة أكثر دقة من الحالية التى تتحدث عن اتمام الانتخاب فى أقرب فترة ممكنة . فاللجان هى عصب العمل البرلمانى ، مما يدعو لسرعة اختيار مكتبها بعد تشكيلها ، لتنطلق لمباشرة مهامها والاضطلاع بمسئوليتها .
اما الفقرة الثانية فقد خضعت للحذف فى موضعين الأول ، إلغاء إعلان رئيس المجلس الترشيحات لأعضاء المجلس ، والثانى اتمام الانتخابات تحت إشراف لجنة يشكلها مكتب المجلس من بين أعضاء اللجنة من غير المتقدمين للترشح لمناصب مكتب اللجنة .
والواقع أنه لم يكن هناك ما يبرر الشطر الأول الخاص بإعلان أعضاء البرلمان بالترشيحات لمناصب مكتب اللجنة ، فالترشح لعضوية اللجنة يتم من بين أعضائها ، وهؤلاء سبق عرضهم على المجلس وفقاً للمادة 41 /2 من اللائحة ([43]) ، ولذا نرى أن التنقيح صادف محله .
على خلاف ذلك نتحفظ على إلغاء الكيفية التى تُشكل بها لجنة الإشراف على الانتخابات ، فالقاعدة أن كل ما يتعلق بالانتخابات يكون مقرراً قبل الشروع فى اجرائها . هذا من زاوية ، ومن زاوية أخرى ، فإن الوضع الحالى مؤداه أن تشكيل اللجنة سيكون من عهدة مكتب المجلس ، وفقاً للفقرة الثالثة من المادة 42 من اللائحة ، مما قد يعنى اختلاف قواعد تنصيبها من حالة لأخرى ، فضلاً عن زيادة سلطات رئيس المجلس بوصفه يملك كلمة الحسم فى اختصاصات مكتب المجلس بصفة عامة ، على سابق الإيضاح .
وأبقت الفقرة الثالثة على الاختيار بالتزكية ، وهو ما كنا نتمنى إعادة النظر فيه ، فالبرلمان نموذج للاختيار بالانتخاب ([44]) ، وهو ما يجب أن يصاحب كافة تشكيلاته بلا استثناء .
وأخيراً ، تم إلغاء الفقرة الأخيرة المتعلقة بإبلاغ نتيجة انتخابات اللجان إلى الوزراء المعنيين بنشاط اللجنة . فالعبرة باختصاص اللجنة بغض النظر عن من يشغل مواقع مكاتبها .
ب) نظام العضوية :
لمست التعديلات نطام العضوية من عدة مواضع ، سنتناولها بترتيب ورودها فى القانون رقم 136 لسنة 2021 :
- حالات عدم الجمع بين العضوية البرلمانية والوظائف والأنشطة الأخرى :
تحرص الدساتير على حظر الجمع بين العضوية النيابية وبعض الوظائف والأنشطة الأخرى ، بلوغاً لأمرين :
الأول : اتصال تلك الوظائف والأنشطة بالسلطة التنفيذية الخاضعة للرقابة البرلمانية ، مما يعيق عضو البرلمان فى حركته التشريعية والرقابية . فما تحوزه السلطة التنفيذية من سلطات تجاه عضو البرلمان سيؤثر بالضرورة على أدائه ، فلا يتصور أن يصوت العضو النيابى على خلاف رغبة السلطة التنفيذية ، أو أن يلجأ لاستخدم الوسائل الرقابية ، سيما تلك التى تعرضها للحرج .
وقصارى القول أن الحظر من هذه الزاوية يستهدف ضمان استقلال النائب تجاه السلطة التنفبذية ([45]) .
ثانياً : العضوية البرلمانية مثقلة بأعباء جسام : حضور الاجتماعات العامة والمساهمة فى النقاش الذى يدور فيها ، وحضور اجتماعات اللجان النوعية التى لا تنقطع طوال العام ، وتقديم طلبات الوسائل الرقابية ، ودراسة مشروعات القوانين المطروحة للمداولة ، واعداد مقترحات بقوانين لاستحداث تشريعات مُتطلبة ، أو تنقيح القائم منها .
ولا يخال أن عضو البرلمان سينهض بتلك المهام حال الجمع بين العضوية والوظائف والأعمال المحظورة ، والمرجح أن أداء واجبات العضوية سيكون على حساب تلك الوظائف والأعمال حال السماح بها ، والعكس بالعكس .
وتوقياً لذلك قضت الفقرة الأولى من المادة 354 من لائحة مجلس النواب بأنه " إذا كان عضو مجلس النواب عند انتخابه أو تعيينه من العاملين فى الدولة ، أو فى القطاع العام ، أو قطاع الأعمال العام ، أو فى الشركات التى التى يكون للدولة حق إداراتها ، أو تمتلك 50 % فأكثر من أسهمها أياً كان النظام القانونى الذى تخضع له ، يتفرغ لعضوية المجلس ، ويحتفظ له بوظيفته أو عمله ، وتحسب مدة عضويته فى المعاش والمكافأة " .
ولمذيد من الضمان لبلوغ الغاية المتوخاه أضيف للنص الشركات التى تساهم فيها الدولة بنسبة 50 % من رأسمالها على الأقل .
وإذا كنا نؤيد تلك الإضافة ، التى تتفق مع حكم المادة 103 من الدستور القاضية بتفرغ " عضو البرلمان لمهام العضوية ، ويحتفظ له بوظيفته أوعمله وفقاً للقانون " ، إلا أننا نستغرب عدم مراجعة الفقرة الثانية والثالثة من النص رغم تجاوزهما الجلىً للدستور والقواعد العامة .
فوفقاً للفقرة الثانية يتقاضى عضو البرلمان المتفرغ للعضوية راتبه والبدلات التى كان يتقضاها وغيرها وقت اكتساب العضوية .
وهذه الشطر من النص كرر ما ورد فى المادة 31 / 2 من قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014 ، ولذا نصوب له ذات سهام النقد .
فاستحقاق نائب البرلمان المتفرغ للعضوية للراتب يناقض المبدأ الشهير أن الراتب مقابل العمل .
والأغرب النص بالحصول على البدلات ، وهى مبالغ تصرف نتيجة التعرض لمخاطر أو أعباء لا يتصور تحمل عضو البرلمان لها ، بحكم عدم ذهابه لجهة عمله ، مما يجعلنا أمام واقع أقرب للإثراء بلا سبب .
اما الأخطر من ذلك أن حصول عضو البرلمان المتفرغ على كافة مستحقاته يناقض مبدأ المساواة الدستورية ، فلا ضمان بتطبيق ذات القاعدة على من يعمل خارج الحكومة والجهات التابعة لها . كما أن عضو البرلمان الذى يمارس مهنة حرة من الراجح أن دخله سيتراجع نتيجة أعباء العضوية الثقال ([46]) .
ولذا يبين أن الصواب كان يقتضى أن يصاحب تنقيح اللائحة إلغاء الفقرة الثانية من المادة 31 /2 من قانون مجلس النواب ، وهو ما كان يستتبعه بالضرورة حذف فقرة اللائحة التى أعادت النص على الأحكام التى انطوى عليها القانون .
ولم تكن المخالفات التى شابت الفقرة الثالثة أقل وطأة ، فطبقاً لتلك الفقرة " ولا يعد ممارسة لمهام الوظيفة العامة ، فى غير أوقات جلسات المجلس ولجانه ، إلقاء العضو الدروس والمحاضرات فى الجامعات ، أو مؤسسات البحث العلمى ، أوحضور المؤتمرات ، أو عضوية اللجان العلمية أو الاستشارية بتلك الجهات ، أو الإشراف على الرسائل العلمية أو مناقشتها ، متى طلب ذلك " .
والنص على النحو الفائت أشار إلى كافة الأنشطة التى يباشرها عضو هيئة التدريس بالجامعات ، ويمكن أن تجتمع فى عضو البرلمان ، وهو ما يطيح بحكمة مبدأ التفرغ ، ويتنكب الدستور من زاويتين أساسيتين ([47]) :
- وردت المادة 103 من الدستور المكرسة للتفرغ بصيغة عامة ، دون أن تترك أى مساحة لأى استثناء ، والقاعدة أن العام يترك على عمومه ما لم يخصص بقاعدة من ذات المستوى .
- تأمل النص يفيد انصرافه إلى أعضاء هيئة التدريس بالجامعات من نواب البرلمان ، ومن ثم ترتفع فى وجهه مخالفة مبدأ المساواة ، بالتفرقة بين هؤلاء وغيرهم من الفئات التى يفرض عليها التفرغ للعضوية والتخلى المؤقت عن وظائفها أو أعمالها .
وتتبدى تلك المخالفة بصورة صارخة إذا تعلق الأمر بأحد العاملين الإداريين بالجامعة ، الذى يتعين عليه التفرغ ، فى حين أن مهامه وظيفته لا تقارن بواجبات عضو هيئة التدريس المُثقل بالأعباء التى تؤدى داخل الجامعة وخارجها ، فكيف يمكنه الجمع بين تلك الأعمال وأعباء العضوية ؟
ولا يقدح فى ذلك القول أن السماح لعضو هيئة التدريس بالجامعات بممارسة كل أو بعض مظاهر وظيفته رهين بحدوث ذلك فى غير أوقات جلسات المجلس ولجانه ، فواجبات العضوية لا تنحصر فى حضور جلسات المجلس ولجانه . فتلك الواجبات تتطلب الاطلاع على دراسات ، واحياناً الحصول على بيانات واحصاءات ، تتصل بالموضوعات المثارة من الغير ، أو تلك التى يريد العضو طرحها سواء كمقترح تشريعى أو كأداة رقابية ، علاوة على استطلاع توجهات القواعد الانتخابية . يضاف إلى ذلك أن اجتماعات اللجان –كما سلف البيان- تتواصل طول العام . وهكذا فإن القيد المشار إليه فى النص غير جدى .
يضاف لكل ما سبق غموض عبارة " متى طلب ( العضو ) ذلك " ، فهل قصد بذلك طلب العضو من المجلس النيابى القيام بتلك الأعمال أو بعضها ، دون ترك أدنى تقدير للمجلس حول أداء تلك الأعمال فى غير أوقات عمل المجلس ، أم أن العضو ( عادة عضو هيئة تدريس بالجامعة قبل انتخابه أو تعيينه بالبرلمان ) يكفيه أن يعلم رغبته للجهة الإدارية الملزمة بتلبيتها ؟
وسواء فسرت العبارة على هذا النحو أو ذاك ، فلن يتقبلهاالمنطق القانونى السليم .
- طلب رفع الحصانة الإجرائية من خلال الجنحة المباشرة :
تناولت المادة 357 الفقرة الأولى البند ثانياً من اللائحة تقديم طلب رفع الحصانة الإجرائية من خلال الدعوى المباشرة ببيانها إنه إذا كان الطلب مقدماً ممن يريد إقامة دعوى مباشرة " يجب أن تتوافر فى الراغب فى إقامتها الصفة والمصلحة، وأن يقدم طلباً برفع الحصانة، مرفقاً به صورة من عريضة الدعوى المزمع إقامتها مع المستندات المؤيدة لها ، ومبيناُ فيها على وجه الوضوح الواقعة المنسوبة إلى العضو ، والمواد المؤثمة لها " .
ولم يكتف الشارع بالمتطلبات الواردة بالنص، فأضاف إليها، فى تعديل 2021 ، موافقة النائب العام ([48]) على إقامة الجنحة المباشرة .
ونرى أن تلك الخطوة سارت عكس الإتجاة الصحيح . فدور المجلس فى نظر طلبات رفع الحصانه ينحصر فى استخلاص كيدية الطلب من عدمه، وهو ما يسهل استخلاصه من عريضة الدعوى والمستندات المؤيدة لها . وتجاوز هذا الدور من شأنه تدخل البرلمان فى عمل المحاكم ، مما يتعارض مع مبدا استقلال القضاء . فبحث توافر الصفة والمصلحة مثلاً يتصل بقبول الدعوى شكلاً، وهوعمل قضائى بإمتياز، كما أنه من المسائل التى يمكن الاختلاف حولها من زاوية اندماج الصفة فى المصلحة أو افتراق هذه عن تلك، فماذا لو رفض طلب رفع الحصانة لانتفاء الصفة والمصلحة، فى حين أن دعوى ممائله لم يكن المتهم فيها نائباً برلمانيا قبلت شكلاً ؟ ألا يجعل هذا الوضع الحصانة بمثابة امتياز، لا ضمانة للوفاء بتبعات العضوية كما يفهم من الدستور ؟
من هنا كان الأصوب التخفف من بعض ضوابط طلب رفع الحصانة فى الفرض المثار ، لا اثقالها باقتضاء موافقة النائب العام .
- الحصانة ضد الفصل بغير الطريق التأديبى أو اتخاذ الإجراءات التأديبية :
على غرار لائحة مجلس الشعب لسنة 1979 ([49]) تضمنت لائحة مجلس النواب نصاً للحصانة ضد الفصل بغير الطريق التأديبى واتخاذ إجراءات تأديبية ([50]) ، ووفقاً لهذا النص " لا يجوز إلا بعد موافقة المجلس ، اتخاذ إجراءات أو الاستمرار في إجراءات إنهاء خدمة عضو المجلس العامل فى الجهاز الإدارى للدولة أو شركات القطاع العام أو شركات قطاع الأعمال العام وما فى حكمها بغير الطريق التأديبى ، كما لا يجوز اتخاذ أية إجراءات تأديبية ضده أو الاستمرار فيها " .
وتوسعة لنطاق تلك الحصانة أضيف للنص العمل فى الشركات التى تديرها الدولة أو تساهم فيها بنسية 50 % من رأسمالها على الأقل .
والواقع أننا كنا نتوقع إلغاء تلك الفقرة ، بل المادة بكاملها لسببين :
* الحصانه استثناء من الخضوع للقواعد العامة ، وبالتالى لايجوز التوسع فيها أو القياس عليها ، وإذ نص الدستور على الحصانة الإجرائية ، فلا مجال لاستخلاص أو استنتاج أخرى . هذا من جانب ، ومن جانب آخر لا يصح الاستثناء من مبدأ المساواة إلا بنص دستورى لا بأداة أدنى ، حتى لا تفرغ النصوص الأقل مرتبة المبدأ من مضمونه وجوهره .
* ربما كان لمثل هذا النص ما يبرره واقعياً إبان السماح بالجمع بين العضوية البرلمانية والوظائف والأعمال الأخرى فى ظل دستور 1971، مما كان يُمكن السلطة التنفيذية من اشهار سلاح التأديب لإعاقة النائب عن القيام بواجباته على الوجه الذى لا يرضيها ، أما وقد أوصد هذا الباب ، فلم يعد لتلك الحصانة ما يدعم وجودها ويبرر بالتالى استمرارها .
* إذا كانت ثمة حاجة حقيقية لتلك الحصانة فلتأخذ سبيلها للوثيقة الدستورية ، منعاً للجدل المثار بشأنها .
* ولا يختلف الرأى بالنسبة للفصل بغير الطريق التأديبى ، فحالات الفصل بهذا السبيل جلها مخالفات تأديبية ( الاضرار الجسيم بمرفق عام أو بمصالح الدولة الإقتصادية – فقد الثقة والاعتبار – قيام قرائن جدية على ارتكاب ما يمس الأمن القومى للبلاد وسلامتها ) ، ومن ثم فالنص عليها فى قانون الفصل بغير الطريق التأديبى فى غير محله . كما أن بعض دواعى الفصل بغير الطريق التأديبى من شأنها اسقاط العضوية كالإدراج على قائمة الإرهابيين وفقاً لأحكام القانون المنظم لذلك ([51]) . فلا يعقل أن تستمر عضوية من ضمته تلك القائمة ممثلاً للشعب ، وبالاسقاط لن تطرح فكرة الحصانة من الأساس .
- دور المجلس ولجانه فى فحص طلبات رفع الحصانة :
حددت الفقرة الأولى من المادة 361 للائحة مجلس النواب دور المجلس ولجنة الشئون الدستورية والتشريعية فى نظر طلبات رفع الحصانة لاتخاذ اجراءات جنائية أو تأديبية أو الفصل بغير الطريق التأديبى ، بأنه ينحصر فى التأكد من عدم كيدية الإدعاء أو الإجراء ، وهو ما يترجم فى التحقق مما إذا كان " يقصد بأى منها منع العضو من أداء مسئولياته البرلمانية بالمجلس " .
وفى عام 2021 أُضيف لصدر النص العبارة الآتية: " فيما عدا حالات انقضاء الدعوى بقوة القانون " ، مما يعنى أن طلب رفع الحصانة لن يقبل ، ولو انتفت الكيدية ، إذا كانت الدعوى قد انقضت " بقوة القانون " ، باعتبار أن الدعوى – من وجهة نظر واضعه - فى هذا الفرض مصيرها المحتوم الرفض .
ولم يحالف الشارع التوفيق فى تلك الإضافة، فإنقضاء الدعوى الجنائية أو الإدارية يتحقق فى فرضين أساسيين ([52]) :
- الوفاة، وهنا ستزول العضوية البرلمانية والحصانة المرتبطة بها، حتى لو وقعت الوفاة بعد تقديم طلب رفع الحصانة وقبل البت فيه، ولا يتصور بالتالى اتجاة إرادة المشرع لتلك الحالة .
- التقادم ، أى مرور فترة زمنية على الواقعة المؤثمة ، مما يحول دون اتخاذ أى إجراء فى الدعوى الجنائية أو التأديبية المتعلقة بها .
ونعتقد أن رفض الطلب تأسيساً على تقادم الواقعة يتعدى دور البرلمان، فمدة التقادم تتعرض للوقف أو يرد عليها الإنقطاع ، وبحث ذلك من صميم العمل القضائى ، وتصدى البرلمان له يتصادم بوضوح واستقلال القضاء ، ومبدأ الفصل بين السلطات .
- التعيين فى عضوية مجلس إدارة شركة مساهمة :
حظرت المادة 372 الفقرة الثانية من لائحة مجلس النواب تعيين العضو فى مجلس إدارة الشركات المساهمة أو مجلس المراقبة فى شركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة .
واتصف هذا الحظر بالإطلاق .
ولم يزد تطبيق هذا الحظر عن خمس سنوات ، فحال إعادة النظر فى اللائحة عام 2021 تقررت ثلة استثناءات بالنسبة لعضوية مجالس إدارة الشركات المساهمة فى غضون العضوية ، كالتالى :
- إذا كان أحد المؤسسين للشركة المساهمة .
- إذا كان مالكاً لعشرة فى المائة على الأقل من أسهم رأسمال الشركة .
- إذا كان قد سبق للعضو شغل عضوية مجلس إدارة الشركة أو رئاستها قبل انتخابه .
وفضلاً عن الاستثناءات المتعلقة بعضوية مجالس إدارات الشركات المساهمة ، ألغى النص حظر التعيين فى مجالس المراقبة فى شركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة .
ونعتقد أن النص قبل التعديل كان أكثر استجابة لمبدأ منع تضارب المصالح ، ناهيك أن العضوية النيابية الفرض أن المقبل عليها يبتغى الخدمة العامة ، بغض النظر عن التضحيات الناجمة عنها .
- حسم إحلال العضوية بالتعيين :
تطرقت الفقرة الثالثة من المادة 392 من اللائحة لفروض شغور العضوية بالانتخاب، قاضية فى عقبها بإخطار رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات بخلو المكان لأى سبب (بطلان العضوية أو الوفاة أو الاستقالة أو اسقاط العضوية )، لاتخاذ ما يلزم لإجراء انتخابات تكميلية لشغل المقعد الشاغر .
وغفل النص عن التعرض لخلو أحد مقاعد العضوية بالتعيين، ولذا قضى التعديل باخطار رئيس الجمهورية بخلو أى مقعد من مقاعد التعيين تمهيداً لاختيار من يشغله .
والنص على هذا النحو ساوى بين العضوية بالانتخاب والعضوية بالتعيين، وهو ما يدعو للتحفظ عليه. فالعضوية بالانتخاب هى الأساس فى أى مجلس نيابى ، والعضوية بالتعيين ، إن وجدت ، استثناء . ولذا نحن أميل لاستنفاد رئيس الجمهورية لسلطته عقب اختيار الأعضاء بالتعيين، ويدعمنا فى ذلك ارتفاع نسبة التعيين إلى 5 % من إجمالى العضوية بالانتخاب ([53]) بعد أن كانت محددة فى دستور1971 بعشرة أعضاء على الأكثر ([54]) وملغاة فى دستور 2012 .
- الغاء إعفاء المبالغ المستحقة للأعضاء من الضرائب والرسوم وجواز الحجز وعدم التنازل عنها :
أعفت الفقرة الأولى من المادة 428 من اللائحة أى مبالغ تدفع للأعضاء من جميع الضرائب والرسوم ، مضيفة عدم جواز الحجز عليها أو التنازل عنها .
وبذلك كفل النص لأعضاء البرلمان نوع من الامتياز المخالف للدستور، والمفتقد لسند يبرره .
فأداء الضرائب واجب وطنى ([55]) ، ومن هذه الزاوية ينبغى أن يكون عضو البرلمان نموذجاً يُحتذى فى الامتثال له والوفاء به .
كما أن الإعفاء من الضرائب لا يكون إلا بقانون خاص بذلك، ومن ثم لا تملك اللائحة تقريره ([56]) . ولا يحاج فى ذلك بأن اللائحة تصدر بقانون، فإصدارها بقانون لا يضعها فى مصاف القوانين العادية التى يقصدها النص ([57]) ، ومرد ذلك لإجراءات سنها ، فالحكومة لا تشارك فى اقتراح اللائحة ، وليس فى وسع رئيس الجمهورية الاعتراض عليها وردها للمجلس ، طبقاً لأحكام المادة 132 من الدستور . والمبدأ أن القاعدة القانونية التى تخضع فى سنها لإجراءات أقل تحتل مرتبة أدنى من نظيرتها التى تطبق فى شأنها إجراءات أشد .
وينتفى أى مبرر مقبول لإمتياز عدم جواز الحجز على الأموال المستحقة للعضو من ميزانية المجلس ، فلن يترتب على هذا الإجراء ، حال اتخاذه ، أى عرقلة لعضو البرلمان فى أداء دوره النيابى ، وهذا هو الذى يدعو لتفهم أى معاملة استثنائية لعضو المجلس .
ولا ندرى لماذا يمنع العضو من التنازل عن أى مبالغ استحقت له، فباستحقاق تلك المبالع أضحت جزءاً من ذمته المالية، له أن يتصرف فيها على النحو الذى يراه .
لهذا حسناً فعل تعديل 2021 بالغاء الفقرة الأولى بكاملها .
والحديث عن مبالغ مالية مستحقة من ميزانية المجلس يدعونا للتعرض للمادة 402 من اللائحة التى أوضحت أن ميزانية المجلس تدرج " رقماً واحداً فى موازنة الدولة " . وكان هذا الحكم محلاً لاعتراض قسم التشريع بمجلس الدولة تأسيساً على أنه بمطالعة سائر أحكام الدستور مجتمعة يبين " أن المشرع قد تولى بالتحديد وبشكل قاطع الجهات التى يتم إدراج الموازنات الخاصة بها رقماً واحداً فى الموازنة العامة للدولة ، إذ نص صراحة على تلك الجهات فى المواد ( 185) ، ( 191 ) ، ( 203) من الدستور وهى الجهات والهيئات القضائية والقوات المسلحة ، ومؤدى ذلك ولازمه أنه لا يسوغ قانوناً القول بجواز إدراج الموازنة الخاصة بمجلس النواب رقماً واحداً فى الموازنة العامة للدولة ، لما فى ذلك من مجاوزة لما توخاه المشرع من التحديد السالف بيانه ، والذى يتعين على سلطة التشريع أن تلنزم تخومه ، وإلا جاء عملها مخالفاً للدستور ومتصادماً مع مبدأ سيادة القانون الذى هو أساس الحكم فى الدولة ، هذا فضلاً عما يترتب على مخالفة النظر المتقدم من نتائج غير منطقية تتمثل فى إمكانية بسط الحكم المذكور آنفاً على جهات أخرى خلافاً لتلك التى عينها الدستور حصراً ، وهى نتيجة لو أراد المشرع تحقيقها لما أعوزه النص عليها صراحة ، ونزولاً على ما تقدم خلص القسم إلى حذف عبارة " وتدرج رقماً واحداً فى موازنة الدولة " الواردة بالمادة المذكورة تجنباً لشبهة جدية بعدم دستوريتها " ([58]) .
ولم يلتفت المجلس لرأى قسم التشريع بمجلس الدولة عند اصداره اللائحة عام 2016 ، واصر المجلس على موقفه فى تعديل 2021 ، وهو ما كنا لا نتمنى مقابلته .
- الدور التشريعى والرقابى :
كان نصيب الدور التشريعى والرقابى أربع مواد فى تعديل 2021 ، وهو ما سنرصد أبعاده فى السطور المقبلة .
ومن البدهى أن الوظيفة التشريعية أو الرقابية تمارس فى جلسات عامة تناول أوضاعها التنقيح اللائحى ، وهو ما سنبتدىء به حديثنا .
(1) تحديد مواعيد الجلسات العامة: نظمت المادة 277 من اللائحة أوضاع مواعيد الجلسات العامة وتركزت التعديلات التى طرأت عليها فى ثلاث نقاط ، أولهما إجراء تغييرات لفظية لا أثر لها على مضمون النص . ثانيهما عدم تحديد أيام بعينها لعقد الجلسات العامة، وثالثهما منح رئيس المجلس سلطة تأجيل الجلسة عن الموعد المحدد لها إذا اقتضت الحاجة ذلك، مع اخطار الأعضاء بالتأجيل وموعد الجلسة المقبلة .
والجزئية الأخيرة استوقفتنا من جهة أن اخطار الأعضاء بتأجيل الرئيس الجلسة المحددة من المجلس لم يتضمن الأسباب التى دعته لذلك، بما يكفل مراقبة استخدام الرئيس لتلك المكنة، سيما وأن التأجيل يرد على موعد تحدد من قبل المجلس، وليس بمطلق إرادة الرئيس .
(2) تنقيحات الدور التشريعى: انصرفت تنقيحات الدور التشريعى لثلاثة مواضع :
- إحالة مشروعات القوانين لمجلس الدولة لمراجعتها : اناطت المادة 190 من دستور 2014 ، قبل تعديل 2019، بمجلس الدولة مراجعة مشروعات القوانين ، والتزاماً بذلك نصت الماددة 175 /1 من اللائحة بإرسال مشروعات القوانين بعد الموافقة عليها فى مجموعها وقبل أخذ الرأى النهائى عليها إلى مجلس الدولة لمراجعتها خلال ثلاثين يوماً على الأكثر .
ونتيجة جعل الدستور حال تعديله فى 2019 الإحالة لمجلس الدولة اختيارية ، وجب إعادة النظر فى النص المنظم لتلك الإحالة فى اللائحة الداخلية لتصبح صياغتها كالتالى : " يجوز لرئيس المجلس إرسال مشروعات القوانين إلى مجلس الدولة لمراجعتها .
" ويجوز للمجلس بعد الموافقة على مشروعات القوانين فى مجموعها وقبل أخذ الرأى النهائى عليها إرسالها لمجلس الدولة لمراجعتها خلال اسبوعين على الأكثر " .
وظاهر النص يفيد أن الإحالة من رئيس المجلس تقع قبل طرح مشروع القانون للنقاش فى الجلسات العامة. اما الإحالة من المجلس فتتم بعد الموافقة على مشروع القانون فى مجموعه، وقبل أخذ الرأى النهائى عليه .
وبعيداً عن توقيت الإحالة لمجلس الدولة، يطرح النص بوضعه الحالى ملحوظة من شقين :
الأولى – ينتفى أى سند لإنفراد رئيس المجلس بإحالة مشروعات القوانين التى يراها لمجلس الدولة، فمشروعات القوانين تطرح للنقاش فى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية المفترض ضم تشكيلها متخصصين، وتستعين – عادة- بعدد من الخبراء فى مجال نشاطها.
ولذا كان ينبغى تقييد تلك السلطة ببعض الضوابط كأن ينصب مشروع القانون مثلاً على تنظيم حرية من الحريات العامة. وإن كنا نرى أن فهمنا للنص الدستورى لا يتيح هذا الاختصاص لرئيس مجلس النواب. فالمادة 190 من الدستور تتناول مشروعات القوانين " التى تحال إليه ( مجلس الدولة ) " ، ومثل تلك الإحالة لا ترد إلا من الجهة المناط بها ذلك وهى المجلس ككل ، لا رئيسه بناء على تقديره وحده .
الثانى – يعانى النص من خلل من زاوية مدة المراجعة من قبل مجلس الدولة، فالنص التزم الصمت المطبق بالنسبة للإحالة من رئيس المجلس، فى حين أنه أنقصها لإسبوعين على الأكثر بدلاً من ثلاتين يوماً فى الوضع قبل التعديل.
- استئناف اللجان النوعية نظر مشروعات القوانين المتبقية من دور إنعقاد سابق: من الأسئلة التى تثار هل انقضاء دور الانعقاد يسقط مشروعات القوانين المطروحة على اللجان البرلمانية، وهل يتباين الحل بالنسبة لمشروعات القوانبن المقدمة من الحكومة عن تلك المطروحة من قبل الأعضاء؟
خُصصت اللائحة المادة 179 للإجابة على هذا السؤال بجانبيه، وهو ما سنبسطه من خلال عرض الفقرات الخمس لتلك المادة مقروناً بالتغيير الذى لحقها.
فالفقرة الأولى وضعت مبدأً عاماً مقتضاه استئناف " اللجان عند بدء كل دور انعقاد عادى بحث مشروعات القوانين الموجودة لديها من تلقاء ذاتها وبلا حاجة إلى أى إجراء ".
ولم يصب هذه الفقرة ثمة تعديل، حيث بقيت كما هى .
اما الفقرة الثانية والخاصة بالتقارير المتعلقة بمشروعات القوانين واقتراحاتها التى بدأ المجلس النظر فيها فى دور انعقاد سابق، فيستأنف نظرها بالحالة التى كانت عليها، ما لم يقرر المجلس إعادتها إلى اللجنة لإعداد تقرير جديد بشأنها.
وكانت المادة قبل التعديل توقف الإعادة إلى اللجنة على طلب من الحكومة. ولا مراء فى أن انفراد المجلس بتقرير الإعادة إلى اللجنة من عدمه يصب فى خانة دعم الدور التشريعى للبرلمان، مما يدعو للانحياز له.
ومست رياح التنقيح الفقرة الثالثة، والتى كساها الغموض حيث كانت تنص على اسقاط مشروعات القوانين المقدمة من عُشر أعضاء المجلس إذا سحبها جميع مقدميها، ما لم يكن المجلس قد بدأ فى مناقشتها.
ومن الواضح أن الفقرة لم تحدد سريان حكمهاعلى انقضاء دور الإنعقاد ، أم انتهاء الفصل التشريعى . وعلاجاً لهذا النقص أبان التعديل حصر تطبيق النص على فرض انتهاء الفصل التشريعى .
وأضيف للنص فقرة جديدة بالنسبة لمشروعات القوانين المقدمة من الأعضاء " تقضى بأنه لا " يؤثر فى سير إجراءات مشروعات القوانين المقدمة من عُشر أعضاء المجلس زوال عضوية أحدهم أو تنازل بعضهم عند إحالته إلى اللجنة المختصة ". وفى تقديرنا أن تلك الإضافة من شأنها تفعيل المبادرة التشريعية للنواب .
وتصدت الفقرة الأخيرة لفرض حدوث تعديل وزارى ، بنصها على أنه " يجوز لرئيس مجلس الوزراء أن يطلب من رئيس المجلس تأجيل النظر فى مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة كلها أو بعضها لفترة لا تزيد عن ثلاثين يوماً ما لم يكن المجلس قد بدأ فى مناقشتها ، وفى هذه الحالة يعرض الطلب على المجلس ليقرر اما إعادتها للحكومة أو استئناف نظرها بالحالة التى كانت عليها " .
- إلغاء التصويت نداءً بالاسم فى التشريعات الجائز سريانها بأثر رجعى : كان عجز المادة 273 من اللائحة الداخلية تنص عند صدورها على أنه " فى غير المواد الجنائية والضريبية ، تكون الموافقة على مشروعات القوانين التى تتضمن أثراً رجعياً بثلثى أعضاء المجلس . ويكون التصويت نداء بالاسم " .
وجاء تعديل 2021 ليحذف الشطر الأخير من النص الخاص بالتصويت نداء بالاسم .
والتصويت نداء بالاسم يجعلنا نقف بكل دقة على عدد الموافقين على القانون رجعى الأثر، وبالتالى حسم أمر توافر الأغلبية المتطلبة من عدمه . وإلغاء تلك الآلية سيعنى أخذ الرأى فى الفرض المثار برفع الأيدى ، او القيام والجلوس ([59]) .
وهذا الطريق أو ذاك لا يكفل اليقين لمن صوتوا لصالح رجعية النصوص المطروحة .
وتعزى خطوة إلغاء التصويت نداء بالاسم – على الأرجح –لإحتياج اتمامه لوقت يمتد لساعات طوال، سيما أن الأغلبية الخاصة لا يتحدد نطاقها بالقوانين رجعية الأثر فحسب، وانما تشمل أيضاً القوانين المكملة للدستور، والتى تكاد تستغرق كافة التشريعات التى يصدرها البرلمان ([60]) .
ولذا كان الطبيعى أن يصاحب إلغاء التصويت نداء بالاسم تفعيل نظام التصويت الإلكترونى ([61])، والذى مازال – إلا فيما ندر- حبيس الأوراق المسطورعليها ([62]) ، مع إجراء التعديلات اللائحية لإكمال المنظومة ، وضمان دقتها ، كبيان الجزاء " للتصويت المزدوج أو للغير " ([63]) على سبيل المثال ([64]) .
لقد بات اللجوء للتصويت الإلكترونى، ملحاً لما يحققه ([65]) من سرعة فى
إبداء الرأى ودقة فى حسابات نتائجه ([66]) ، وهو ما ييسر مهمة القضاء فى التثبت من استيفاء الأغلبية المتطلبة ، ويعصم التشريعات فى الوقت نفسه من وصمة عدم الدستورية حال إحاطتها بكثيف الظنون وسحب الشكوك حول نصاب إقرارها .
(3) تشكيل لجان تقصى الحقائق كمظهر لتقييد الدور الرقابى : من الأدوات الرقابية تشكيل لجان تقصى الحقائق التى اهتم الدستور بذكرها فى المادة 135 ، تاركاً كيفية تشكيلها للائحة الداخلية ، والتى فصلت ذلك فى المادة 241 . وخضع نص تلك المادة للتنقيح من زاويتين ([67]) ، وكلاهما محل نظر شديد .
فقد عهد لرئيس المجلس بسلطة طلب نشكيل لجنة لتقصى الحقائق، لتتضخم اختصاصاته، بدلاً من مراجعتها للتخفف من بعضها.
والأنكى زيادة التعديل نصاب طلب تشكيل لجنة تقصى الحقائق المقدم من الأعضاء إلى ثلاثة أضعاف، ليرتفع من عشرين عضواً ([68]) إلى ستين عضواً.
وهكذا قيد المجلس نفسه فى مباشرة دوره الرقابى عبر لجان تقصى الحقائق ، وكأنه لا يرغب فى الاستعانة بتلك الوسيلة فى النهوض بدوره الرقابى !
وربما توارد إلى الخاطر أن الأغلبية البرلمانية استهدفت من ذلك عدم احراج الحكومة ، إلا أن الواقع لا يصدق هذا التخريج ، فلم تتسبب لجان تقصى الحقائق فى أى وقت من الأوقات فى هذا الحرج ، ويكفى التذكرة بتقرير لجنة تقصى الحقائق المشكلة فى ظل دستور 1971 بمناسبة حادثة العبارة السلام 98 ، والذى أشار تقريرها النهائى إلى تحقق جسيم المسؤليات فى جانب أكثر من جهة ، ومع ذلك لم يعرض رئيس المجلس آنذاك التقرير على الأعضاء فى الجلسة العامة بحجج واهية ، لا تتناسب مع حجم الكارثة وأبعادها الإنسانية القاسية ([69]) .
كلمة ختامية :
بتحليل تعديلات اللائحة الداخلية لمجلس النواب عام 2021 يبين أن جلها محل نظر ، وكنا نتطلع إلى استخلاص عكسى . فهل نأمل فى تعديل لاحق يسد ما لحق بعض النصوص المنقحة من ثغرات ، ويعالج تلك المرتبطة وغُفل عن مراجعتها رغم ما ران عليها من انتقادات ؟ حتى نرى تنظيم مجلس النواب أكثر توازناً ، وأبعد فاعلية فى مهامه التشريعية والرقابية ، مما يضخ حيوية تفتقدها شرايين الحياة السياسية .
الهوامش
[1])) ذكر البعض أن دستور 1930 كان له السبق فى النص على اصدار اللائحة الداخلية للبرلمان بقانون .
انظر : وليد محمد التونى – الطبيعة القانونية للائحة البرلمان الداخلية – رسالة – حقوق القاهرة – 2023 – ص 6 الحاشية رقم 4 .
وهذا النظر ليس صحيحاً على إطلاقه . فالبرجوع للمادة 108 من دستور 1930 نجدها تقضى بأن " القواعد الخاصة بالنظام الداخلى للمجلسين وبطريقة السير فى تأدية أعمالها تبين بقانون . ولكل من المجلسين أن يضع لائحته تنفيذاً لذلك القانون " .
وهكذا يتضح أن كل مجلس سيصدر فى النهاية لائحة خاصة به . فالفرض أن القانون سيقتصر على المسائل المشتركة بين المجلسين ، لتظل مساحة من الحرية لكل مجلس فى صياغة نظامه الداخلى بما يوافق الدور المنوط به . وفى كل الأحوال ستحتاج بعض نصوص القانون الكلية لتفصيل ستتكفل به اللائحة التنفيذية لكل مجلس .
والمهم أن اللائحة التنفيذية بوصفها من الأعمال البرلمانية لن تخضع لرقابة القضاء عموماً حال خرقها للقانون ، بل حتى لو تجاوزت الدستورذاته .
وهكذا يبين أن صدور اللائحة الداخلية بقانون لم يكن يحول دون وجود نصوص ممثلة فى اللوائح التنفيذية لكل مجلس لا ضمان لعدم تغولها على الدستور ، وهو الغاية المرجوة من الصياغة الحالية للوثيقة الدستورية .
[2])) أشار أحد الآراء ( وليد محمد التونى – الطبيعة القانونية .. – المرجع السابق – ص 457 ) استناداً لمقال صحفى ( محمد رضا النمر – بسبب إلغاء مبدأ سيد قراره خضوع اللائحة الداخلية للبرلمان للرقابة التابعة للمحكمة الدستورية – جريدة الأهرام فى 11 مارس 2016 ) إلى أن لجنة الخمسين قصدت اصدار اللائحة الداخلية للبرلمان بقانون " بما يوجب إخضاعها للرقابة اللاحقة للمحكمة الدستورية العليا ، والهدف من هذا الاتجاه هو إلغاء " مبدأ المجلس سيد قراره .. " .
ولنا على هذا النظر ملحوظة مزدوجة :
- المبادرة باصدار اللائحة الداخلية بقانون انطلقت من لجنة الخبراء ، إذ نصت المادة 93 من مشروع الدستور الذى أعدته تلك اللجنة على أن " يضع مجلس الشعب لائحته الداخلية .. وتصدر بقانون " .
- ما يطلق عليه مبدأ سيد قراره يتعلق باختصاص البرلمان بالفصل بصحة العضوية واهداره للتوصيات التى كانت تنتهى إليها تحقيقات محكمة النقض مهما كشفت عن أوجه بطلان العضوية ( انظر: فتحى فكرى – القانون البرلمانى – 2006 – ص255 وما بعدها )، ومواجهة هذا الوضع تحققت باسناد حسم أمر العضوية البرلمانية للقضاء ( المادة 107من دستور 2014 ) ، ولم يكن لذلك من انعكاس على ضرورة رقابة دستورية اللائحة الداخلية للبرلمان .
وبرهاناً على ذلك نشير إلى أن دستور 2012 نص على اختصاص محكمة النقض بالفصل فى صحة العضوية ( المادة 87 ) ليضع كلمة النهاية لمقولة سيد قراره التى شاعت فى ظل دستور 1971 ، ولكن لأن هذا الدستور، على منوال سابقه ، لم يتعرض لرقابة دستورية اللائحة الداخلية عالجت السلطة التأسيسية للدستور الحالى هذا النقص بالنص على صدور اللائحة الداخلية بقانون .
[3])) انظر فى التفاصيل مؤلفنا القانون البرلمانى – 2006 – ص 24 وما بعدها ، وفى تأييد هذا الرأى : عبد العزيز سالمان – الرقابة الدستورية على اللائحة البرلمانية – مقال – مجلة الدستورية – العدد 22 – 43 .
([4]) نعتقد أنه من المفيد التلميح أن نقطة انطلاق تعديل اللائحة تتمثل فى اقتراح من مكتب المجلس ، أو من خمسين عضواً ( المادة 436 الفقرة الأولى من اللائحة ، وذات الحكم قضت به الفقرة الأولى من المادة 416 من لائحة مجلس الشعب لعام 1979 ، والمادة 376 من لائحة مجلس الشعب لسنة 1972) ، ولا مراء فى ارتفاع نصاب الإقتراح المقدم من الأعضاء ، مما يعيق تحديث اللائحة كلما اقتضت الاوضاع ذلك ، سيما إذا جاءت المبادرة من المعارضة ، فى المقابل يتيسر اقتراح التعديل المقدم من مكتب المجلس لقلة أعضائه ( ثلاثة أعضاء ) ، ولتحكم الرئيس ، كما سنرى ، فى قراراته . وفى الفرض الأخير يُخشى أن يحول انتماء الرئيس الحزبى دون إجراء التعديل المطلوب .
[5])) أخذ بتلك التسمية دستور 2012 ( المادة 82 من هذا الدستور ) ، وحذا حذوه دستور 2014 (المادة 101 من هذا الدستور ) .
[6])) وفقاً للمادة 389 من اللائحة الداخلية قبل التعديل " يتولى مكتب المجلس إدارة الأموال التى آلت ملكيتها للمجلس بحكم المادة ( 245 ) من الدستور .
" كما يتولى مكتب المجلس إدارة الحساب الخاص بهذه الأموال المدرج فيه إيراداتها ومصروفاتها ، وفقاً للقواعد والإجراءات المتبعة فى ذلك " .
وقضت المادة 399 من ذات اللائحة بأن " يُعد مكتب المجلس فى نهاية كل سنة مالية تقريراً عن إيرادات ومصروفات الأموال المشار إليها فى المادة ( 398 ) من هذه اللائحة ، ويقدم هذا التقرير إلى لجنة الخطة والموازنة منضماً إليها مكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لبحثه وتقديم تقرير عنه إلى المجلس " .
ونصت المادة 400من اللائحة أيضاً على أن " تقدم اللجنة المشار إليها فى المادة ( 399 ) من هذه اللائحة تقريراً بنتيجة فحصها عن إدارة الأموال المذكورة وإيراداتها ومصروفاتها إلى المجلس مشفوعاً بملاحظاتها وما تراه من مقترحات فى هذا الشأن فى موعد لا يجاوز شهر مارس من كل سنة " .
وعالجت المادة التالية (401 ) التصرف فى الأموال المشار إليها بقولها : " إذا تقرر التصرف فى أحد الأموال الثابتة أو المنقولة المملوكة للمجلس طبقاً لحكم المادة ( 245 ) من الدستور ، يعرض الأمر على المجلس بتقرير من اللجنة العامة تبين فيه جميع العناصر التى تمكن المجلس من اتخاذ قراره فى هذا الشأن ، وذلك فيما عدا الأموال المنقولة الزائدة عن الحاجة ، أو التى انتهى عمرها الإفتراضى ، فيتم التصرف فيها بقرار من مكتب المجلس ".
[7])) نصت المادة الثالثة من قانون اصدار قانون مجلس الشيوخ رقم 141 لسنة 2020 على أن " .. ينقل إلى مجلس الشيوخ كافة أصول مجلس الشورى الملغى على أن يكون من بينها مبنى مجلس الشورى الملغى بمدينة القاهرة بكافة تجهيزاته " .
[8])) وفقاً للمادة المشار إليها " لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس الشيوخ وعضوية مجلس النواب ".
وحرى بالذكر حظر دستور 1923 الجمع بين عضوية مجلس الشيوخ ومجلس النواب ( المادة 92 ) وذات الحكم قررته المادة 87 من دستور 1930 .
وحينما أُنشىء مجلس الشورى فى ظل دستور 1971عام 1980 نصت المادة 200 على عدم جواز الجمع بين عضوية مجلس الشورى ومجلس الشعب " .
[9])) لمذيد من التفاصيل أنظر مؤلفنا : جواز الجمع بين العضوية البرلمانية والوظائف والأنشطة الأخرى - دراسة مقارنة فى القانونين الفرنسى والمصرى - 1994 – ص 140 وما بعدها .
[10])) فى دواعى تبنى الإزدواج البرلمانى انظر على سبيل المثال مؤلفنا : ثلاث قضايا برلمانية للمناقشة ( المبحث ألأول : تشكيل الغرفة البرلمانية الثانية فى الدساتير العربية ) - 2019 – ص 5 وما بعدها .
[11])) لم يتطرق قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014 لذلك ، لصدوره فى وقت لم يكن مجلس الشيوخ قائماً ، وحينما عدل هذا القانون عام 2020 ( القانون 140 لسنة 2020 ) أكتفى بذكر منع الجمع بين مجلس النواب ومجلس الشيوخ .
[12])) رددت ذات المعانى الفقرة الثانية والثالثة من المادة 222 من اللائحة الداخلية لمجلس الشيوخ .
[13])) وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة 102 من الدستور " .. يجوز لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء فى مجلس النواب لايزيد على 5 % .." .
[14])) قد تتم الإحالة ، طبقاً للنص ، من رئيس الجمهورية أيضاً .
[15])) تضم حالات اخذ الرأى الإلزامية :
- الإقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور .
- مشروع الخطة العامة للتنمية الإجتماعية والاقتصادية .
- معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة .
[16])) المادة 249 من الدستور وفقاً لتعديل 2019 .
[17])) تنصرف استشارة الإختيارية إلى فرضين :
- مشروعات القوانين ومشروعات القوانين المكملة للدستور التى تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب .
- ما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها فى الشئون العربية أو الخارجية .
[18])) كان تعبير مجلس الشورى المعمول به فى دستور 1971 أصدق فى التعبير عن كينونة الغرفة الثانية .
[19])) تنص المادة 253 من الدستور على أن " رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء وغيرهم من أعضاء الحكومة غيرمسئؤلين أمام مجلس الشويخ " .
ولا يملك مجلس الشيوخ سوى طلب مناقشة عامة ( المادة 107 من القانون رقم (2) باصدار لائحة مجلس الشيوخ رقم 2 لسنة 2021) ، أو اقتراح برغبة ( المادة 113 من القانون رقم (2) باصدار لائحة مجلس الشيوخ ) .
وفى الحالتين يتم اخطار الحكومة بالتوصيات والاقتراحات التى يوافق عليها المجلس لمراعاة تنفيذها فى ضوء سياستها العامة ( المادة 112 من لائحة مجلس الشيوخ بالنسبة لطلبات المناقشة العامة ، والمادة 119 من ذات اللائحة بخصوص الإقتراح برغبة ) . وهكذا يبين انتفاء أى دور رقابى حقيقى لمجلس الشيوخ .
[20])) انظر المادة (8) من لائحة مجلس الشعب الصادرة فى اكتوبر 1972 ، المادة 11 من لائحة مجلس الشعب الصادرة فى اكنوبر 1979 .
[21])) المادة 87 من دستور 1971 .
[22])) تجدر الإشارة إلى أنه ، وفى اللحظات الأخيرة من إعداد دستور 2014 ، واستجابة لضغوط فئوية نصت المادة 243 على أن " تعمل الدولة على تمثيل العمال والفلاحين تمثيلاً ملائماً فى أول مجلس للنواب يًنتخب بعد إقرار هذا الدستور ، وذلك على النحو الذى يحدده القانون " .
وهذا الوضع المؤقت تحول إلى دائم فى تعديل 2019 ، حيث تم إلغاء عبارة " فى أول مجلس نواب ينتخب بعد إقرار هذا الدستور " .
[23])) انظر فى ذلك مؤلفنا القانون البرلمانى – 2006 – ص 60 وما بعدها .
[24])) وفقاً لنص المادة العاشرة من اللائحة الداخلية لمجلس النواب قبل التعديل " لرئيس المجلس أن يفوض أحد الوكيلين .. فى بعض اختصاصاته ، وله أن ينيب أحد الوكيلين لرئاسة بعض جلسات المجلس " .
[25])) الفقرة الأولى من المادة العاشرة من اللائحة المعدلة .
[26])) المادة الثامنة الفقرة الرابعة من اللائحة المعدلة .
[27])) فى فرض التفويض ستكون الأولوية للوكيل الأول ، وهو ما تشى به المادة العاشرة المعدلة بنصها على أنه " لرئيس المجلس أن يفوض الوكيل الأول فى بعض اختصاصاته .." . علماً بأن النص ينصرف للاختصاصات البرلمانية ، اما الاختصاصات المالية والإدارية فقد استرد الرئيس سلطته التقديرية فى التفويض حيث أفادت المادة 415 المعدلة بأنه يجوز " لرئيس المجلس تفويض بعض اختصاصاته المالية أو الإدارية إلى أحد الوكيلين أو كليهما أو الأمين العام للمجلس " .
[28])) توافقاً مع ذلك ، ولتحديد العلاقة بين الوكيلين ، أُضيفت فقرة للمادة العاشرة من اللائحة نصها : " وفى كل الأحوال يسبق الوكيل الأول الوكيل فى رئاسة جلسات المجلس ولجانه وغيرها من الاجتماعات حال حضورهما معاً " .
[29])) المادة 11من اللائحة الداخلية لمجلس النواب لعام 2016 .
[30])) الفقرة الأولى من المادة 42 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب لعام 2016 .
[31])) المادة الثانية من لائحة مجلس النواب فى العهد الملكى .
[32])) المادة 13 من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب لعام 1972 .
[33])) المادة 10 من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب لعام 1979 .
[34])) أبرز هذه الاختصاصات وضع مكتب المجلس جدول أعمال الجلسات وفقاً لخطة العمل المقررة ( المادة 20 / 1) ، الإشراف على تنظيم جميع شئون المجلس البرلمانية والإدارية والمالية ( المادة 22 من اللائحة ) .
[35])) فى تفاصيل ذلك ولمذيد من النماذج فى القانون المقارن راجع مؤلفنا : القانون البرلمانى – المرجع السابق – ص 12- ص 13 .
[36])) المادة 24 ثالثاً من لائحة مجلس النواب قبل تعديل 2021 .
[37])) انعكس تعديل النص المشار إليه فى المتن على الفقرة الأولى من المادة 105 من اللائحة ، والتى أضحت تقضى بأن " يُخطر كل حزب سياسى يمثله ثلاثة نواب أو أكثر .. رئيس المجلس كتابة ، فى بداية كل دور انعقاد عادى ، باسم من يختاره ممثلاً لهيئته البرلمانية بالمجلس ، وكذلك باسماء من ينتمون إلى الحزب .. من أعضاء المجلس" .
[38]) ) الفقرة الأولى من المادة 40 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب .
[39])) كانت اللائحة تستخدم مصطلح الترشيحات ، ونظراً لأن الترشيح يرتبط بالانتخابات ، وهو ما لا يطبق فى عضوية اللجان ، فقد لجأ المشرع إلى مصطلح الطلب ، بدلاً منه .
وسارت اللائحة الداخلية لمجلس النواب فى ذلك على نهج لائحة مجلس الشعب لعام 1979 , خلافاً للائحة هذا المجلس لسنة 1972 التى تضمنت آلية الانتخابات كحل أخير لتشكيل اللجان النوعية ، فوفقاً للمادة 39 من تلك اللائحة " فى بداية كل دور عادى للمجلس ، تجرى عملية اختيار المجلس لأعضاء اللجان ، بأن يرشح كل عضو نفسه للجنة التى يرى صلاحيته للاشتراك فى أعمالها ، ويتلقى مكتب المجلس هذه الطلبات للتنسيق بينها ، ويتولى اعداد قوائم بالترشيحات لكل لجنة وتعلن هذه القوائم قبل موعد الجلسة التى تعرض فيها الترشيحات ، ثم يعرضها الرئيس على المجلس للموافقة عليها ، وفى حالة عدم الموافقة يجرى الانتخاب على الأسماء الوارة بكل قائمة منفردة وذلك بالأغلبية النسبية " .
[40])) المادة 11 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب . وقد سبق لنا نقد هذا التشكيل الذى وجد ايضاً فى لائحة مجلس الشعب لعام 1979 فى مؤلفنا القانون البرلمانى – المرجع السابق – ص 226 : 228 .
[41])) المادة 23 / 2 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب .
[42])) الفقرة الأولى من المادة 41 من لائحة مجلس الشغب لعام 1979 .
[43]) ) وفقاً للفقرة المحددة فى المتن : " ويعرض الرئيس على المجلس القوائم ( قوائم الترشيح لعضوية اللجان ) طبقاً لما انتهى إليه المكتب ، بعد دراسة الاعتراضات والاقتراحات المقدمة من الأعضاء ، وتقتصر المناقشة على القواعد والضوابط التى التزمها مكتب المجلس فى هذا الشأن ، وتعتبرهذه القوائم نافذة بمجرد إقرار المجلس لها دون مناقشة " .
[44])) بدهى أن تطبيق هذا الإقتراح يتطلب تحديد حد أدنى من الأصوات يلزم الحصول عليه ، وإلا أُعيد فتح باب الترشيح .
[45])) لمذيد من التفاصيل راجع مؤلفنا : جواز الجمع بين العضوية البرلمانية والوظائف والأنشطة الأخرى - المرجع السابق – ص 51 وما بعدها .
[46])) فى تفصيل مثالب النص الوارد فى قانون مجلس النواب أنظر مقالنا : تفرغ النواب بين حسم الدستور والتفاف القانون وتجاوزاللائحة – مجلة قضايا برلمانية – عدد مايو 2017 – مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية – مؤسسة الأهرام – ص 30 – 31 .
[47])) لمذيد من التفاصيل والمخالفات التى انطوت عليها الفقرة الأخيرة من المادة 354 من اللائحة أنظر مقالنا : تفرغ النواب بين حسم الدستور والتفاف القانون وتجاوز اللائحة – سبق ذكره - ص 25 وما بعدها .
[48])) فى جلسة مجلس النواب المنعقدة فى الأربعاء الموافق10مايو 2023 أعلن رئيس المجلس أن هيئة المكتب ورد لها طلب لرفع الحصانة عن أحد النواب ( لم يذكر اسمه ) ، لكن الطلب لم يكن مستوفياً من الناحية القانونية ، ولم يحصل على موافقة النائب العام لرفع الحصانة ، وبناء عليه رفض المجلس الطلب .
موقع مصراوى بتاريخ 10 مايو 2023 ، وهو نفس تاريخ الزيارة .
ولعل هذا هو التطبيق الأول للنص الخاص برفع الحصانة بعد تنقيحه .
وقد استوقفتا عدم ذكر اسم النائب فى الجلسة العامة ، فهذا المسلك يخالف الشفافية فى أعمال المجلس ، ويمس حق الرأى العام فى معرفة كل مل يتعلق بنوابه سلباً أو إيجاباً ، على الأقل ليحدد موقفه منهم فى أى انتخابات مقبلة . هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، كيف تحجب معلومة عن الأعضاء كانت متاحة لهيئة المكتب ، وكأن تلك الهيئة هى التى تحدد ما يصل لعلم الأعضاء ، وما يمنع عنه ، ومن ناحية ثالثة وأخيرة ، ألا يؤدى عدم ذكر الاسم إلى أن تحوم الأقاويل حول أكثر من عضو ؟
[49])) المادة 362 من لائحة مجلس الشعب لعام 1979 ,
[50])) المادة 360 من لائحة مجلس النواب الحالية .
[51])) القانون رقم 8 لسنة 2015 بشأن تنظيم قوائم الكيانات الارهابية والارهابيين .
[52])) علاوة على ما ورد فى المتن تنقضى الدعوى الجنائية بالحكم البات أو صدور قانون بالعفو الشامل ، وفى الفرضين يتعين التثبت من أن الواقعة محل الحكم البات هى ذاتها المطلوب رفع الحصانة بشأنها ، وأن العفو الشامل ، انصرف إلى نفس الأفعال التى رفع وصف التجريم عنها ، وهذا الأمر أو ذاك عمل قضائى بلامراء .
[53])) الفقرة الأخيرة من المادة 102 من دستور 2014 .
[54])) الفقرة الثانية من المادة 87 من دستور 1971 .
[55])) الفقرة الخامسة من المادة 38 من دستور 2014 .
[56])) إبان إعداد اللائحة عام 2016 ، جاء رد قسم التشريع بمجلس الدولة على طلب ابداء الرأى بأن المادة 429 تقتضى إعادة الصياغة ، تأسيساً " على أن الفقرة الأولى منها تنص على أن " تعفى أى مبالغ تدفع إلى الأعضاء من المجلس من جميع أنواع الضرائب والرسوم ، ولا يجوز الحجز عليها أو التنازل عنها " .ولما كانت المادة رقم (105) من الدستور قد قررت أن يتقاضى عضو مجلس النواب مكافأة يحددها القانون وأنه إذا جرى تعديل المكافأة ، فلا ينفذ التعديل إلا بدءاً من الفصل التشريعى التالى للفصل الذى تقررت فيه ، وكانت المادة رقم (34) من قانون مجلس النواب المشار إليها قد حددت تلك المكافأة بمقدار خمسة آلاف جنية شهرياً مع عدم إجازة أن يزيد مجموع ما يتقضاه العضو من المجلس تحت أى مسمى على أربعة أمثال المبلغ المذكور ، وإذا لم تنص أى من المادتين المشار إليهما على إعفاء هذه المكافأة من أية ضرائب أو رسوم ، فإنه يتعين الرجوع إلى القواعد العامة بشأن الإعفاء من الضرائب على ما يتقضاه أعضاء مجلس النواب من مكافآت وعلى نحو ما قررته المادة (38) من الدستور التى أوجبت أن يكون الإعفاء من الضرائب والرسوم فى الأحوال المبينة فى القانون وهوما يقصد به القانون الخاص بالإعفاء من هذا النوع من الضرائب ، أو قانون مجلس النواب المشار إليه بوصفه القانون المنظم لشئون العضوية ، وإذ خلت أحكام القانونين المشار اليهما من أية إعفاءات لأعضاء مجلس النواب فى هذا الشأن ، فإن تقرير مثل هذا الإعفاء يغدو غير قائم على ما يسانده " .
رأى قسم التشريع بمجلس الدولة بشأن لائحة مجلس النواب - ملف رقم 26 / 2016 .
ورغم وضوح الرأى المبدى من قسم التشريع أعرض مجلس النواب عنه وصدرت اللائحة متضمنة الإعفاء المنوه عنه .
[57])) فى هذا المعنى : كريم السيد عبد الرازق – لائحة مجلس النواب .. إشكاليات سابقة وأخرى مستجدة – مقال – قضايا برلمانية – مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية - مؤسسة الأهرام - العدد 47 – أبريل 2016 – ص 14 .
[58])) رأى قسم التشريع بمجلس الدولة على مشروع اللائخة الداخلية لمجلس النواب حال إعدادها عام 2016 ، ملف 26 / 2016 .
[59])) المادة 320 من لائحة مجلس النواب .
[60])) لمذيد من التفاصيل حول هذه الجزئية راجع مؤلفنا المعنون القانون الدستورى – 2020 – الكتاب الأول : المبادىء الدستورية العامة – دستور 2014 وتعديل 2019 – ص 70 وما بعدها .
[61])) فى دراسة نشرت فى ديسمبر 2018 أُشير إلى أن رئيس البرلمان المصرى يتمسك " بموقفه من عدم الأخذ بالتصويت الإلكترونى على مشروعات القوانين المكملة للدستور، التى تستلزم توافر أغلبية الثلثين ، مدعياً أن " التصويت بوقوف النواب ، أو بالطريقة العادية ( رفع الأيدى ) أفضل من الإلكترونى ، الذى له بعض السلبيات ، ويراه البعض غير جائز " ، زاعماً أنه " يعرف العدد الموجود داخل القاعة من خلال النظر " .
مروة نظير – التصويت الإلكترونى .. بين ضرورات التحديث وقيود العمل السياسى – مقال – مجلة قضايا برلمانية – مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية – مؤسسة الأهرام – عدد ديسمبر 2018 – ص 31 .
[62])) فى ظل مجلس النواب الحالى طبق نظام التصويت الإلكترونى لأول مرة فى تاريخ البرلمانات المصرية فى عام 2016 حيث تم استخدامه لعدة مرات ، خاصة فى بداية الدور التشريعى ، ومع مرور الوقت اصبح اللجوء للتصويت الإلكترونى نادراً .
مروة نظير – التصويت الإلكترونى ..بين ضرورات التحديث وقيود العمل السياسى – مقال – سبق ذكره - ص 30- ص31 .
[63])) كريم السيد عبد الرازق – المرجع السابق – ص 14 .
[64])) من المفارقات أن لائحة مجلس الشيوخ التى وافق عليها مجلس النواب وصدرت بالقانون رقم 2 لسنة 2021 ، وهى سابقة فى سنها على تعديل لائحة مجلس النواب بالقانون رقم 136 لسنة 2021 ، اشتملت على تننظيم كامل للتصويت الإلكترونى فى المواد ( 203 – 205 ) ، حيث تنص المادة الأولى على : " التصويت الإلكترونى شخصى . ويحظر على العضو استخدام البطاقة الخاصة بعضو آخر ، ويلتزم العضو فى حالة فقد البطاقة الخاصة به بالإبلاغ الفورى عن ذلك للأمانة العامة للمجلس لإتخاذ ما يلزم .
" وفى الأحوال التى يتم التصويت فيها الكترونياً تتخذ الأمانة العامة للمجلس ما يلزم لقفل حسابات الأعضاء غير المسجلين للحضور إلكترونياً لمنع استخدام بطاقاتهم عند حساب عدد المصوتين " .
وتقضى المادة الثانية بأنه " يجوز لثلاثين من الأعضاء الحاضرين الاعتراض كتابة لدى الرئيس على نتيجة التصويت الإلكترونى ، وفى هذه الحالة يأخذ المجلس الرأى باحدى الطرق المبينة فى المادة (202 ) من هذه اللائحة ( رفع الأيدى – قيام المؤيدين – قيام المعارضين ) " .
ووفقاً للمادة الأخيرة " إذا لم يتبين الرئيس رأى الأغلبية عند أخذ الرأى بطريقة القيام والجلوس ، بأن يطلب من المؤيدين القيام مع مراعاة أخذ رأى الأعضاء من ذوى الإعاقة بما يناسب حالهم . فإذا لم يتبين النتيجة أخذ الرأى بأن يطلب من المعارضين القيام . فإذا لم يتبين النتيجة وجب أخذ الرأى نداء بالاسم " .
[65])) من حسنات التصويت الإلكترونى السرية فى إبداء الرأى ، وكان ذلك سبباً فى عدم الأخذ به فى فترة سريان دستور 1971 ، لأنه كان يفقد الحزب الحاكم ( الحزب الوطنى المنحل ) من معرفه مواقف نوابه ، على الأقل ، لاستبعاد من يخالف منهم تعليمات الحزب من النزول على قوائمه .
انظر فى ذلك : مروة نظير – المرجع السابق – ص 30 .
[66])) فى مزايا التصويت الإلكترونى انظر : مروة نظير- التصويت الإلكترونى .. بين ضرورات التحديث وقيود العمل السياسى – مجلة قضايا برلمانية – مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية – مؤسسة الأهرام - عدد ديسمبر 2018 – ص 28 .
[67])) استبعدنا التغيرات اللفظية التى طالت النص لإنتفاء تأثيرها على المضمون .
[68])) كانت لائحة مجلس الشعب لسنة 1979 توقف تقديم طلب تشكيل لجنة تقصى الحقائق على تقديمه من عشرين عضواً .
[69])) فى تفاصيل ذلك انظر : اشرف اسحاق حبيب توفيق – الإنتماء الحزبى وفاعلية الأداء الرقابى – دراسة مقارنة بين مصر وفرنسا – رسالة - حقوق القاهرة – 2022 – ص 406 وما بعدها .