حكم قضائي بعدم دستورية خفض المعاش بعد توافر أسباب استحقاقه

السبت 4 نوفمبر 2017

  
أصدرت المحكمة الدستورية العليا، حكمًا مهمًا بعدم دستورية خفض المعاشات بعد تحديدها واستيفاء شروطها، ببطلان نص الفقرة الأولى من المادة "23" من قانون التأمين الاجتماعي، المنظمة لحالات خفض المعاش المستحق عن الأجر الأساسي وسقوط الجدول رقم "8" المرافق للقانون في مجال إعماله على هذا النص، وبتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية تاريخًا لإعمال آثاره، أي أن الحكم لن يُطبق بأثر رجعي على الحالات التي تم خفض معاشاتها من قبل، عدا حالة مقيم الدعوى.

 

وقالت المحكمة، في حيثياتها، إن الأصل في المعاش متى توافر أصل استحقاقه وفقًا للقانون، أنه يصبح التزامًا على الجهة التي تقرر عليها مترتبًا في ذمتها بقوة القانون، بحيث إذا توافرت في المؤمن عليه الشروط التي تطلبها القانون لاستحقاق المعاش، استقر مركزه القانوني بالنسبة إلى هذا المعاش بصفة نهائية، ولا يجوز من بعد التعديل في العناصر التي قام عليها أو الانتقاص منه.

 

وأضافت أن المشرع قد استهدف من قانون التأمين الاجتماعي، التأمين ضد مخاطر بذاتها تندرج تحتها الشيخوخة والعجز والوفاة، وغيرها من أسباب انتهاء الخدمة التي عددتها المادة "18" من القانون المشار إليه، ومن بينها حالات انتهاء الخدمة لغير الأسباب التي عددتها البنود "1، 2، 3"، من هذه المادة، والتي يدخل فيها المعاش المبكر، متى كانت مدة الاشتراك في التأمين لا تقل عن 240 شهرًا، ليفيد المؤمن عليه الذي يخضع لأحكام هذا النص، وتوافرت له شروط استحقاق المعاش عن الأجر الأساسي، من المزايا التأمينية المقررة به عند تحقق الخطر المؤمن منه.

 

فإذا ما تقرر للعامل معاش عن مدة اشتراكه في التأمين عن هذا الأجر، واستقر مركزه القانوني بالنسبة لهذا المعاش، بات حقه فيه، والوفاء به كاملًا دون نقصان أو تعديل، التزامًا قانونيًّا في ذمة الجهة المختصة لا تستطيع منه فكاكًا، وهو ما لم يلتزمه النص المطعون فيه، الذي انتقص من هذه المزايا، والمتعلقة بالمعاش المستحق عن الأجر الأساسي، بتخفيضه بنسبة تقدر تبعًا لسن المؤمن عليه في تاريخ استحقاق صرف المعاش، وفقًا للجدول رقم "8" المرافق لهذا القانون، والذي ورد به مقدار هذا الخفض بنسب تتراوح بين 5% و15%، بما مؤداه انتقاص قيمة المعاش المستحق عن هذا الأجر، والذي توافر أصل استحقاقه وفقًا للقانون، الأمر الذي يتعارض مع كفالة الدولة لخدمات التأمين الاجتماعي الواجبة وفقًا للمادة "17" من دستور سنة 1971.

 

وأكدت أنه في ضوء ما تقدم يكون النص المطعون فيه مخالفًا لأحكام المواد "7، 17، 29، 32، 34، 40" من دستور سنة 1971، بما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته، وما يترتب على ذلك من سقوط الجدول رقم "8" المرافق لذلك القانون في مجال إعماله على النص المحكوم بعدم دستوريته، لارتباطه بهذا النص ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة.

 

وذكرت المحكمة أنه تقديرًا منها للآثار المالية التي ستترتب على الأثر الرجعي للقضاء بعدم دستورية النص المطعون فيه، فإنها تعمل الرخصة المخولة لها بنص المادة "49" من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وتحدد اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية تاريخًا لسريان آثاره، وذلك دون إخلال باستفادة المدعي من الحكم الصادر بعدم دستورية النص المطعون فيه.