"تشريع مجلس الدولة " يكشف ٧ شبهات عدم دستورية بقانون المرور الجديد

السبت 27 يناير 2018

 

أعلن قسم التشريع بمجلس الدولة، برئاسة المستشار مهند عباس، نائب رئيس مجلس الدولة، ملاحظاته مشروع قانون المرور، الذي انتهى القسم من مراجعته مؤخرا، وأحاله لمجلس الوزراء لاستكمال إجراءات إصداره.

وقال المستشار عبدالرازق مهران، نائب رئيس مجلس الدولة، عضو قسم التشريع، ورئيس المكتب الفني، إن اللجنة المشكلة بمعرفة السيد المستشار رئيس القسم من السادة المستشارين (حازم اللمعي ودربالة علي ومحمد عبدالظاهر وتامر شاكر ، وكريم الفقي وباسل محرم وإسلام خضري وعمرو يسري) نواب رئيس المجلس، كانت قد عكفت على دراسة مشروع القانون وانتهت منه وعرضته على القسم بجلسته العامة.

وأشار مهران- في بيان صحفي- إلى أن القسم ارتأى في شأن مشروع القانون الملاحظات الآتية : - 

١- تضمنت المادة السادسة من مواد إصدار المشروع المرفق- وفقاً للمقترح النهائي لنص المادة- حكماً مفاده العمل بأحكام هذا القانون بعد مرور ثلاث سنوات من تاريخ نشره أو صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء بناءً على عرض وزير الداخلية بالانتهاء من البنية التحتية وتجهيز المنظومة المرورية إلكترونياً أيهما أقرب ، وحيث إنه ووفقأ لحكم المادة (225) من الدستور يكون العمل بالقوانين بعد ثلاثين يومأ من اليوم التالي لتاريخ نشرها فى الجريدة الرسمية إلا إذا حددت لذلك ميعادأ آخر، وإذ حدد الدستور ثلاثين يوماً من تاريخ النشر كميعاد للعمل بالقوانين، وأجاز لتلك القوانين تحديد ميعاد آخر للعمل بها، ومن ثم فإنه لا خطأ على المشـرع -وحده- إذا حدد ميعادأ يجاوز الثلاين يومًا المنصوص عليها في الدستور، إلا أنه يبقى أن يكون ذلك الميعاد محددأ بالأداة التشريعية التى عينها الدستور وهى القانون دون غيره
.
وأوضح القسم أنه بناء على ذلك لا يجوز تفويض السلطة التنفيذية وحدها والممثلة فى رئيس مجلس الوزراء في المشروع المعروض في تحديد ميعاد العمل بالقانون، إعمالأ لمبدأ الفصل بين السلطات من ناحية، وبغية أن يكون ذلك الميعاد محدداً بصورة قاطعة جلية وواضحة من ناحية أخرى ، ذلك أن التجهيل به لا يجعل المخاطبين به على بينة من تاريخ صيرورته قانوناً معمولاً به، الأمر الذي استظهر معه القسم غموض تحديد ميعاد صدور قرار رئيس مجلس الوزراء بعد تجهيز المنظومة المرورية إلكترونيأ خلال ثلاث سنوات من تاريخ نشر القانون لبدء العمل به.

وتابع القسم:" ومن ثم يكون ميعاد العمل بالقانون غير محدد على النحو المذكور بالمادة (225) من الدستور ، وهو الأمر الذي ارتأى معه القسم تعديل صياغة تلك المادة؛ ليكون نصها على النحو الآتي؛ ( ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ويعمل به بعد مرور ثلاث سنوات من تاريخ نشره) ؛تجنباً للوقوع فى حومة مخالفة أحكام الدستور على النحو المُبين سلفاً ". 

٢- استبان للقسم من مطالعة مواد المشروع المرفق أرقام (13 ، 31 ، 47 ، 58) ، أنها قد تضمنت تفويضاً للسلطة التنفيذية فى تنظيم الوسائل والأدوات التى بها يتم تحصيل الرسم المنصوص عليه فى تلك المواد، إذ إن المادة (13) من مشروع القانون تضمنت حكمأ بمقتضاه أُنيط بالمحافظ المختص تحديد رسوم الرفع والإيواء وذلك بما لا يجاوز مبلغ ألف جنيه للرفع ومائة جنيه للإيواء عن اليوم الواحد، وكذا المادة (31) من مشروع القانون والتي أجازت لرئيس مجلس الوزراء – بناءً على عرض وزيري المالية والداخلية – تحديد مقابل التطوير وقيمة التأمين الذى يؤدى عن اللوحات المعدنية بما لا يجاوز ثلاثمائة جنيه لكل منهما، كذلك والمادة (47) من مشروع القانون المعروض والتى أوردت – وفقأ للرؤية النهائية للجهة مُعِدة المشروع- حكمأ بمقتضاه أجاز لوزير الداخلية بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء فرض رسم لا تجاوز قيمته خمسين جنيهأ على كل عام ترخيصي لتسيير المركبات لتطوير وتحسين خدمات المرور والإغاثة ، وأخيراً المادة (58) من مشروع القانون والتي أناطت بوزير الداخلية بقرار منه تحديد الرسوم المستحقة لمنح رخص القيادة الدولية بما لا يجاوز مبلغ خمسمائة جنيه

وفي هذه الملاحظة نوه القسم إلى أن الدستور مراعاة منه لأهمية الدور الذي تقوم به الأموال العامة ووجوب توفير الحماية لها ، وضبط القواعد الحاكمة لتحصيلها وصرفها ،قد جعل القانون هو أداة تنظيم القواعد الأساسية لتحصيل تلك الأموال ،وإجراءات صرفها ، وهو ما نصت عليه المادة (126) من الدستور ،والذى أكدت عليه المادة (38) من الدستور بنصها على أن "....ويحدد القانون طرق وأدوات تحصيل الضرائب والرسوم ...." ،وذلك باعتبارها من الأموال العامة وأحد المصادر الهامة لإيرادات الدولة ورافداً أساسياً من روافد الموازنة العامة للدولة ،التى تمكنها من القيام بالمهام التى أوكلها لها الدستور بما مؤداه أنه يجب أن تحدد السلطة التشريعية بذاتها طرق وأدوات تحصيل الرسوم.

وأكد القسم أنه بناء على ذلك فلا يجوز للسلطة التشريعية أن تفوض السلطة التنفيذية فى تنظيم الوسائل والأدوات التى يتم بها تحصيل هذه الرسوم بل يجب عليها أن تتولى بذاتها تنظيم أوضاعها بقانون باعتباره الأداة التى عينها الدستور لذلك وإلا وقعت فى حومة مخالفة أحكام الدستور ، بما يضع معه القسم تلك الملاحظة تحت بصر الجهة مُعِدة المشروع لإعادة النظر فى تفويض السلطة التنفيذية لتنظيم الوسائل والأدوات التى يتم بها تحصيل ذلك الرسم ،ووجوب أن يتولى مشروع القانون تنظيم أوضاع ذلك الرسم باعتباره الأداة التى حددها الدستور لذلك، تجنبأ لشبهة عدم الدستورية.

٣- أوردت المادة (63) من مشروع القانون المرفق حكماً بمقتضاه يُستحق عن المركبة المسيرة بالطريق ولم يسبق لها الترخيص الضريبة السنوية ، وذلك من تاريخ شرائها أو من تاريخ إدخالها إلى البلاد، بحسب الأحوال ، بحد أقصى خمس سنوات، كما يستحق عنها ضريبة إضافية مقدارها ثلث الضريبة السنوية ، عن كل من الضريبتين الأصلية والإضافية وبما لا يخل بالعقوبات الواردة في هذا القانون .

وذكر القسم أن ذلك الحكم يثير شبهة عدم الدستورية باعتبار أن الضريبة المنصوص عليها ما هى إلا جزاء عن تأخر سداد الضريبة الإضافية والتي هي أصل مفروض حال التأخر عن سداد الضريبة الأصلية، فالأصل ألا يكون دين الضريبة متمخضاً عقاباً بما يخرجها عن بواعثها الأصلية والعرضية ولا يجوز أن تعمد الدولة كذلك – استيفاءً لمصلحتها فى اقتضاء دين الضريبة – إلى تقرير جزاء على الإخلال بها يكون مجاوزاً -بمداه أو تعدده- الحدود المنطقية اللازمة لصون مصلحتها الضريبية وإلا كان هذا الجزاء غلواً وإفراطاً. 

وهو الأمر الذى معه ارتأى القسم حذف عبارة ( كما يستحق عنها ضريبة إضافية مقدارها ثلث الضريبة السنوية ، عن كل من الضريبتين الأصلية والإضافية وبما لا يخل بالعقوبات الواردة في هذا القانون) ؛ تجنباً لشبهه عدم الدستورية.

٤- اتضح للقسم من مطالعة مواد مشروع القانون أرقام ( 69 ، 71 ، 72 ) أنها قد اختصت طالب الترخيص بمدة تقادم للحق الضريبى تقل عن تلك المقررة للدولة، إذ تضمنت المادة (69) من المشروع حكماً أجاز لصاحب الشأن أن يسترد ما دفعه من ضرائب ورسوم طبقا لهذا القانون إذا تبين أنها غير مستحقة كلها أو بعضها، متى قدم طلبا بذلك إلى سلطة الترخيص خلال ثلاثة أشهر من الدفع وإلا سقط حقه في الاسترداد، إذ اختصت تلك المادة طالب الترخيص بمدة تقادم للحق الضريبى (ثلاثة أشهر) تقل عن المدة المقررة للدولة (خمس سنوات وفقأ للمادة رقم (1) في القانون رقم 646 لسنة 1953 بشأن تقادم الضرائب والرسوم).

و أوردت الفقرة الثانية من المادة (71) من المشروع حكمًا مفاده سقوط حق مالك المركبة في استرداد الضرائب عن مدة تعليق سريان الرخصة إذا ما طلب ذلك خلال تسعين يومًا من تاريخ إعادة المركبة إليه وإلا سقط حقه فى الاسترداد، واختصت تلك المادة طالب الترخيص بمدة تقادم للحق الضريبى (تسعين يومأ) تقل عن المدة المقررة للدولة (خمس سنوات وفقأ للقانون رقم 646 لسنة 1953 بشأن تقادم الضرائب والرسوم).

وأخيراً تضمنت المادة (72) من المشروع حكمًا أجاز لمالك المركبة أن يطلب استرداد ما أداه من ضرائب عن المدة الباقية من الترخيص بحيث لا تقل عن شهر إذا ما طلب ذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الاستيلاء على المركبة وإلا سقط حقه فى الاسترداد.

وأوضح القسم أنه وإذ اختصت تلك المادة طالب الترخيص بمدة تقادم للحق الضريبى (ثلاثة أشهر) تقل عن المدة المقررة للدولة (خمس سنوات وفقاً للمادة رقم ( 1 ) من القانون رقم 646 لسنة 1953 بشأن تقادم الضرائب والرسوم)، وذلك كله بالمخالفة لمبدأ المساواة المنصوص عليه دستوراً، بما يستوجب توحيد القاعدة القانونية التي ينبغي أن تنظمها في شأن سقوط الحق في المطالبة بالدين الضريبي لتحقيق الحماية المتكافئة لكلا الطرفين (يراجع حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 100 لسنة 28ق جلسة 7/3/2010)، وهو الأمر الذي يرى معه القسم حذف عبارة ( وإلا سقط حقه في الاسترداد) بالمواد المشار إليها على النحو الوارد بالمشروع المرفق ، توحيداً للقاعدة القانونية المنظمة لسقوط الحق في المطالبة بالدين الضريبي لتحقيق الحماية المتكافئة لكلا الطرفين.

٥- ورد بالمادة ( 85 ) من المشروع الوارد حكما يلزم قائد المركبة الذي يثبت تعاطيه لمخدر أو مسكر بسداد ما يعادل عشرة أمثال قيمة الأدوات والوسائل الفنية المستخدمة للكشف عن المخدر أو المسكر يتم تحصيلها لصالح الجهة التي تتحمل تكاليف تجهيز واستعمال تلك الوسائل ، وقد تثير تلك الفقرة شبهة عدم الدستورية إذ نصت المادة (95) من الدستور على أن العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي....".

وأكد القسم أنه لما كان إلزام قائد المركبة الذي يثبت تعاطيه لمخدر أو مسكر بسداد ما يعادل عشرة أمثال قيمة الأدوات والوسائل الفنية المستخدمة بمثابة عقوبة توقع دون حكم قضائي ، فضلاً عن أنه من غير المتصور أن تحمل الدولة المتهم بتكاليف إثبات التهمة المنسوبة إليه دون حكم قضائي في حين أنه من الممكن حال تقدير عقوبة الغرامة المقررة للفعل المنسوب للمتهم أن يكون مستغرقا لكافة التكاليف التي قد ترى سلطة التشريع ضرورة تحميلها لكل من ثبت في حقه الاتهام – وهو الأمر الذى يرى معه القسم حذف تلك الفقرة على النحو الوارد بالمشروع المرفق.

٦- تضمنت المادة (88) من المشروع الوارد حكما بمقتضاه يعاقب على مخالفة أي أحكام أخرى مما ورد ذكرها بهذا القانون والقرارات المنفذة له بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه.

وأردف القسم، إن القوانين الجزائية تفرض على الحرية الشخصية أخطر القيود وأبلغها أثرا ، ويتعين بالتالي – ضمانا لهذه الحرية – أن تكون الأفعال التي تؤثمها هذه القوانين محددة بصورة قاطعة بما يحول دون التباسها بغيرها، وأن تكون تلك القوانين جلية واضحة في بيان الحدود الضيقة لنواهيها، وذلك أن التجهيل بها أو انبهامها في بعض جوانبها لا يجعل المخاطبين بها علي بينة من حقيقة الأفعال التي يتعين عليهم تجنبها ، كذلك فإن غموض مضمون النص العقابي مؤاده أن يحال بين محكمة الموضوع وبين إعمال قواعد منضبطة تعين لكل جريمة أركانها وتقرر عقوبتها بما لاخفاء فيه وهي قواعد لا ترخص فيها وتمثل إطارا لعملها لا يجوز تجاوزه، ذلك أن الغاية التي يتوخاها الدستور هي أن تتوافر لكل مواطن الفرص الكاملة لمباشرة حقوقه وحرياته في إطار من الضوابط التي قيدها بها ولازم ذلك أن تكون القيود على الحرية التي تفرضها القوانين الجزائية ، محدده بصورة يقينية لأنها تدعو المخاطبين بها إلى الامتثال لها لكي يدافعوا عن حقهم في الحياة وكذلك عن حرياتهم تلك المخاطر التي تعكسها العقوبة بحيث لا يتم تجاوز الحدود التي اعتبرها الدستور مجالا حيويا لمباشرة الحقوق والحريات التي كفلها ، وهو ما يخل في النهاية بالضوابط الجوهرية التي يقوم عليها المحاكمة المنصفة وفقاً للدستور .

وإذ استبان للقسم أن نص تلك المادة العقابية قد جاء جزافياً دونما أي تحديد لأفعالٍ بعينها بصورةٍ قطعية تحول دون التباسها بغيرها ، للوقوف على ركنها المادي، وحتى يتسنى لمحكمة الموضوع إعمال أحكام تلك المادة بصورةٍ منضبطة ، فضلا ًعن أن مشروع القانون المعروض قد عدد الأفعال والجرائم والعقوبات المقررة لها حصراً، وأفرد لها بابًا مستقلاً، ومن ثم فإن هذه المادة قد وردت على غير محلٍ في المشروع المعروض ،الأمر الذى ارتأى معه القسم حذف تلك المادة تجنباً لأية شبهة عوار دستوري ، مع إعادة ترتيب باقي المواد على النحو الوارد بالمشروع المرفق .

٧- تضمنت المادة (90) من مشروع القانون المرفق حكماً مفاده أن عدم استلام المركبة المتحفظ عليها هو بمثابة التخلي عنها بقصد التنازل عن ملكيتها ، وتؤول ملكيتها إلى الدولة على النحو الذى تحدده اللائحة التنفيذية ، وحيث إن المادة (35) من الدستور قد أفردت حمايةً للملكية الخاصة فلا تنتزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل يدفع مقدماً ووفقاً للقانون، وذلك فضلاً عن أن المصادرة العامة للأموال محظورة، كما أن المصادرة الخاصة لا تجوز إلا بحكم قضائي وذلك وفقاً لنص المادة (40) من الدستور، ومن ثم فإن السلطة التي يملكها المشرع في موضوع تنظيم الحقوق ، حدها قواعد الدستور باعتبارها قيداً عليها ، فلايجوز تخطيها ؛ وكان المشرع وإن جاز أن يعيد تنظيم أوضاع قائمة بما يكفل للمواطنين مصالحهم المباشرة ؛ إلا أن كل تغيير يتصل بالملكية الخاصة بما يفقدها محتواها ، ينبغي أن يقابل بتعويض عادل عنها ؛ ذلك أن الملكية لايجوز نزعها قسرا بغير تعويض.

وأضاف القسم أن كل تنظيم للملكية لايجوز أن يصل مداه إلى مايعتبر عقلا افتئاتا عليها من خلال تقويض عناصرها ، وزوال المزايا التي تنتجها عملا بقاعدة أن كل قيد على استعمال الملكية ، إنما ينال من حق يقابل هذا القيد ، ومم ثم فإن كل قيد عليها ينبغي أن يوازن بالأغراض التي يتوخاها، وأن يتمحض وسيلة ملائمة لتحقيقها، فلايكون منفلتا عن الحدود المنطقية التي ينبغي أن يتخذها مضمونا.

واشار القسم إاى أنه وإذ تضمنت تلك المادة حكماً من شأنه المساس بالملكية الخاصة والتي أفرد لها الدستور حماية خاصة بموجب نص المادة (35) منه دون الالتزام بالضوابط المشار إليها سلفاً، وذلك لمجرد عدم استلام المركبة المتحفظ عليها، على النحو الوارد بتلك المادة، وهو الأمر الذي ارتأى معه القسم تعديل صياغة تلك المادة؛ تجنباً للوقوع فى حومة مخالفة أحكام الدستور على النحو المُبين سلفاً.