في مؤتمر " العدالة الجنائية".. قاض يحدد ٩ توصيات لحل إشكاليات توقيع العقوبات الجنائية

الأربعاء 4 أبريل 2018

 

• الكبّاش مؤكداً على ضرورة تجنيب الصحف الجنائية للمتهمين في الحكم عليهم : «المتهم يحاكمه قاضيه وليس ماضيه»

قال المستشار د. خيري الكباش، الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة، إن السلطة التقديرية للقاضي الجنائي في مجال تحديد العقوبة غالباً ما تثير تطبيقاتها عدة إشكاليات، منها على سبيل المثال صدور بعض الأحكام الجنائية في وقائع متشابهة، متفاوتة في العقوبات من حيث الحد الأدنى والحد الأقصى للعقوبة.

وللتغلب على هذه الإشكاليات، حدد الكباش -في ورقة بحثية عرضها بمؤتمر وحدة أبحاث القانون والمجتمع بالجامعة الأمريكية حول العدالة الجنائية وتحديات إصلاحها الراهنة- ١١ توصية ارتأى أنها قادرة على حل وتجنيب هذه الإشكاليات.

وجاءت أولى توصيات الورقة التي حملت عنوان «ضوابط السلطة التقديرية للقاضي الجنائي في تقدير العقوبة والرقابة القضائية عليها» متمثلة في إضافة نصين لقانون الإجراءات الجنائية في الفصل الأول من الباب الرابع (إصدار الأحكام) الأول منهما يلزم قاضي الموضوع بتسبيب مستقل لكيفية تقديره للعقوبة التي يراها مناسبة للواقعة المعروضة عليه وذلك لإعمال الرقابة القضائية على هذا التقدير من محكمة الدرجة الأعلى ثم من محكمة النقض؛ للوقوف على مدى التزام قاضي الموضوع بصحيح القانون وتأويله وتفسيره بخصوص تقديره المناسب للعقوبة، وفقا للأسباب التي أبداها في حكمه سندا لهذه التقدير

أما النص الثاني المقترح من الكباش، فهو ذات طبيعة استرشادية للقاضي الجنائي في كيفية تقديره للعقوبة المناسبة للجرم المسند إلى المتهم وكأنه يجيب في أسباب
تقديره للعقوبة على هذه العناصر الإرشادية الواردة في هذا النص، ومن خلال هذه الإجابات ( الأسباب) تتم مراقبته قضائيا على إلمامه الصحيح بالواقعة المسندة للمتهم وظروفها وملابساتها، بما يناسب العقوبة المقضي بها من عدمه، ويجد فيها كل من النيابة العامة والمتهم سببا للطعن، وتجد فيها محكمة الدرجة الأعلى ومن بعدها محكمة النقض سندا للرقابة القضائية بغية الوصول
لعدالة منصفة.

وأوضح الكباش أنه يجب على قاضي الموضوع أن يوضح في أسباب تقديره للعقوبة مدى خطورة الفاعل وماضيه- مع الأخذ في الاعتبار لدى توقيع العقوبة تجنيب صحيفة الحالة الجنائية للمتهمين؛ لأن المتهم يحاكمه قاضيه ولا يحاكمه ماضيه- وبيان ودوافع المتهم لارتكاب الجريمة ووسيلته في ارتكابها، وما إذا كان لباعث شرير من عدمه، ومدى الأضرار التي سببتها الجريمة للمجني عليه المباشر أو للمضرورين من الجريمة بصفة عامة، أو للمجتمع المضرور من مخالفة القانون في كل حالاته، ودور المجني عليه في حصول الجريمة وحقيقة صلته بالمتهم قبل حصول الجريمة وأثنائها، ومدى استفزازه للجاني، وحقيقة مسلكه بصفة عامة، باعتبار هذه الأمور تمثل العناصر الإرشادية للقاضي الجنائي عند تقديره للعقوبة المناسبة للجريمة محل الإتهام. مع الوضع في االعتبار الصلح بين المتهم والمجني عليه إذا تم بدون إكراه في الجرائم التي ال تنقضي فيهاالدعوى الجنائية بالتصالح.

وتمثلت التوصية الثانية في ضروة إسراع المشرع المصري بتفعيل الدرجة الثانية من درجات التقاضي في الجنايات (إستئناف الجنايات ) أسوة بالمشرع الكويتي و المشرع الإماراتي؛ إعمالاً للنص الدستوري الذي أوجب ذلك، دون الإنتظار للمهلة الممنوحة له من الدستور 10 سنوات في المادتين 240 ، 96 من دستور جمهورية مصر العربية النافذ، و إعمالاً لنص المادة 14 من المعاهدة الدولية لحماية حقوق الإنسان المدنية و السياسية التي صدقت عليها مصر و نشرتها في الجريدة الرسمية و أصبحت جزء لا يتجزأ من النظام القانوني النافذ .

ثالثاً : ضرورة إيجاد بدائل مناسبة للدعوى الجنائية تتناسب مع التطورات المعاصرة في مجالي التجريم و العقاب و من أهمها نظرية الإقرار بالجرم كوسيلة هامة للعدالة التصالحية .

وشدد الكبّاش في التوصية الرابعة على ضرورة تدريب رجال الضبط القضائي في الشرطة على كيفية شمول محاضر الضبط على كافة العناصر التي توضح ظروف وملابسات كل واقعة سواء من حيث أطرافها أو من حيث ظروف ارتكابها
وبيان حقيقة ما ترتب عليها ودوافعها – على نحو ما سلف – ليضحى محضر الضبط مرآةصادقة لكافة عناصر الواقعة وليس مجرد رصد مختصر للبلاغ أيا كان مصدره.

كما ركز في التوصية الخامسة على ضرورة التدريب المستمر والمنهجي لأعضاء النيابة العامة و القضاة على أصول ومنهج التحقيق، وضرورة شموله على كافة العناصر الإرشادية المنوه عنها سلفا التي تعين القاضي الجنائي على إعمال سلطته التقديرية السليمة في تقدير العقوبة المناسبة مع ظروف وملابسات كل واقعة على حده وإضافة ملحق لأمر الإحالة يتضمن هذه العناصر بوضوح حول ظروف وملابسات الواقعة – محل الإحالة – حتى يتمكن قاضي الموضوع من اختيار مقدار العقوبة الذي يتناسب معها، وحتى تتمكن النيابة العامة بعد الحكم من تفعيل رقابتها القضائية على هذا التقدير وتحدد متى تطعن عليه بذاته، وما سندها في هذا الطعن الذي قد يكون للتخفيف وليس فقط للتشديد – كما جرى عليه العمل – إذا ما رأت – وهي صاحبة الدعوى العمومية والأمينة عليها باسم المجتمع – إجحافا في العقوبة بما
لا يتناسب مع ظروف وملابسات الواقعة، ومن ثم تتمكن محكمة الدرجة الأعلى ( الاستئناف) ثم محكمة النقض من إعمال رقابتها القضائية في هذا الصدد بجانب رقابتها القضائية على أسباب الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة كأصل عام.

كما ركز على ضرورة العمل على إتساع دور المجني عليه أو المضرور من الجريمة أمام القضاء الجنائي حتي لو لم يكن مدعيا بالحق المدني لتحقيق مبدأ تكافؤ الخصوم، و لتمكين قاضي الموضوع من التحديد العادل لمقدار العقوبة .

وفي التوصية السابعة شدد الكبّاش على ضرورة الحد من تدخل الإعلام في تناول القضايا الجنائية المطروحة على القضاء قبل صدور حكم بات فيها خاصة ما يمس شخص المتهم أو المجني عليهعن أيهما مدحا أو قدحا حتى لا يتأثر قاضي الموضوع بما أشيع ، إضافة إلى منع البرامج الإعلامية التي تتناول الوقائع الجنائية بمجرد ضبط المشتبه فيهم و إجراء تحقيق إعلامي على الهواء مباشرة لإسناد الإتهام أو نفيه و
إجراء مواجهات بين أهلية المجني عليه و المتهم؛ وذلك لمنع التأثير الإعلامي على القضاء الجنائي قبل إتمام المحاكمة .

ونوه الكبّاش في التوصية الثامنة إلى ضرورة الاهتمام أكثر بالأحكام الجنائية الغيابية بالإدانة، و عدم اعتبار المتهم الغائب مدانا أو معاقبته بأقصى العقوبة لحين محاكمته حضوريا لتأثير ذلك على تقدير العقوبة في الحكم الحضوري.

وأخيراً وجه الكبّاش إلى ضرورة توزيع القضايا الجنائية على الدوائر المختصة بنطاق المحكمة بالأرقام و ليست بمراكز و أقسام الشرطة لمنع تأثير قضاة الدوائر بما يشاع عن أهل الدائرة من سلوك بعينه أو من عادات و تقاليد لم تضمنها الأوراق المطروحة عليها.