فتوى قضائية بانعدام الجزاءات التأديبية الصادرة عن لجان تأديب الموظفين بالنيابة الإدارية

الخميس 7 يونيو 2018

 

أصدرت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، برئاسة المستشار يحيى دكروري، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، فتوى قضائية انتهت فيها إلى انعدام قرارات الجزاءات التأديبية الصادرة عن لجان التأديب بالنيابة الإدارية المشكلة طبقاُ لقرار رئيس هيئة النيابة الإدارية رقم 429 لسنة 2015، وعدم الاعتداد بها وعدم جواز التظلم من تلك القرارات أمام لجان التأديب المؤلفة طبقاً لهذين القرارين.

 

وصدرت هذه الفتوى رداً على طلب إبداء الرأي المقدم من المهندسة نادية عبده، محافظ البحيرة، حول جواز إصدار منشور لجميع الجهات التابعة للمحافظة بضرورة أن يكون التظلم من قرارات الجزاء الصادرة عن لجان التأديب بهيئة النيابة الإدارية أمام لجان التظلمات بالهيئة، وتحديد الجهة المختصة بتلقي التظلمات.

 

وأوضحت «عبده» في طلبها أنه ورد إليها خطاب من النيابة الإدارية يفيد أن بعض الموظفين الصادر بشأنهم قرارات جزاء من لجان التأديب المختصة بالنيابة الإدارية، يتقدمون بتظلمات من هذه القرارات إلى الجهات الإدارية التابعين لها، ويقم المستشار مفوض الدولة بهذه الجهات بفحصها ثم يُصدر قراراً من الجهة الإدارية بسحبها، وهو الأمر الذي يترتب عليه الإحلال باختصاصات هيئة النيابة الإدارية، باعتبارها هيئة قضائية أوكل إليها الدستور والقانون مكافحة الفساد وتوقيع الجزاءات التأديبية.

 

وأضافت «عبده» أن النيابة الإدارية طلبت في خطابها إصدار منشور من محافظة البحيرة لجميع الإدارات بديوان عام المحافظة، وبصفة خاصة مديريتي التربية والتعليم والشباب والرياضة، بضرورة الالتزام بأن تقدم تلك التظلمات أمام اللجان المختصة بالنيابة الإدارية، وإعادة أوراق الجزاءات التي تم سحبها بحق بعض الموظفين إلى النيابة الإدارية حرصاً على عدم إفلات المتهمين من العقاب.

 

وأكدت «عبده» أنه بعرض ذلك الأمر على المستشار مفوض الدولة بمحافظة البحيرة أفاد بأن القوانين المنظمة للجزاءات التأديبية خلت من أي نص يمنح النيابة الإدارية الاختصاص بتوقيع تلك الجزاءات، وتلقي التظلم منها، وبناء على هذا الخلاف طلبت المحافظة استطلاع رأي الجمعية العمومية.

 

ورداً على ذلك الأمر، أوضحت الجمعية العمومية في فتواها، أن قانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015 «الملغي» - الذي لم يقره مجلس النواب واكتفى باعتماد سريانه خلال الفترة من 12 مارس 2015 حتى 20 يناير 2016- نظم الاختصاص الذي أولاه الدستور لهيئة النيابة الإدارية بالتحقيق في المخالفات الإدارية والمالية، وممارسة سلطات الجهة الإدارية في توقيع الجزاءات التأديبية.

 

وأضافت الجمعية أن المادة 57 من هذا القانون أوردت حكماً في فقرتها الثانية أناط بهيئة النيابة الإدارية التحقيق في المخالفات التي لا تختص بالتحقيق فيها وإنما تحال إليها من الجهة الإدارية - إذا قدرت ذلك- ويكون لهيئة النيابة الإدارية في هذه الحالة فقط السلطة توقيع الجزاءات، أو الحفظ، وهو ذات الحكم الذي أوردته المادة 60 من قانون الخدمة المدنية الحالي.

 

ونوهت الفتوى إلى أنه إزاء سكوت النص في هذين القانونين – في المجال الزمني لسريان كلاً منهما- عن تحديد السلطة المنوط بها الاختصاص بتوقيع الجزاء داخل هيئة النيابة الإدارية، فإن ممارسته تصبح مقتصرة على رئيس هيئة النيابة الإدارية دون غيره، باعتباره السلطة العليا المقابلة للسلطة المختصة في الجهات الإدارية ( الوزير المختص، أو المحافظ المختص، أو الرئيس الهيئة)؛ وذلك استناداً إلى صحيح قواعد التفسير، دون أن يكون له الحق في تفويض غيره في هذا الاختصاص؛ نظراً لغياب النص الذي يجيز له إجراء هذا التفويض.

 

وأكدت الجمعية أنه بناء على ذلك يكون قرار رئيس هيئة النيابة الإدارية الصادر بتأليف لجان تأديب تختص بتوقيع الجزاءات التأديبية على بعض الموظفين الخاضعين لأحكام قانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015، قد صدر بدون سند مغتصباً سلطة المشرع في تنظيم ممارسة هيئة النيابة الإدارية لذلك الاختصاص، بالإضافة إلى خروجه عن الحدود التي رسمها الدستور والقانون لممارسة هذا الاختصاص.

 

وشددت الجمعية على أنه بسقوط قانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015 بعدم إقراره من قبل مجلس النواب، تسقط بطبيعة الحال كل اللوائح والقرارات الصادرة استناداً له، أو تنفيذاً لأحكامه، ومن بينها قرار هيئة النيابة الإدارية المشار إليه، الأمر الذي لا يجوز معه الاستناد إليه في توقيع جزاءات تأديبية على الموظفين المعروضة حالتهم، لفقدان لجان التأديب المنصوص عليها به لسند تشكيلها.

 

وأكدت الجمعية أن الاختصاص بتوقيع الجزاءات التأديبية على الموظفين بمحافظة البحيرة والجهات التابعة لها ينعقد للسلطات المختصة بهذه الجهات، طبقاً لقانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016، فيما عدا المخالفات التي تقدر السلطة المختصة بالمحافظة إحالتها إلى هيئة النيابة الإدارية، فيكون الاختصاص بتوقيع الجزاء التأديبي فيها أو الحفظ منعقداً لرئيس هيئة النيابة الإدارية دون غيره.

 

كما انتهت الجمعية في ذات الفتوى إلى عدم التزام محافظة البحيرة بإصدار أي منشورات بشأن إلزام الجهات التابعة للمحافظة بالتظلم من قرارات لجان التأديب المشار إليها إلى لجان تظلمات النيابة الإدارية.