تنفيذا لقانون تعارض المصالح.. توصية قضائية بتشكيل لجنة للوقاية من الفساد

الاثنين 27 يناير 2020

 

أصدرت الدائرة الأولى بهئية مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري، تقريرا قضائيا، أوصت فيه المحكمة بإصدار حكم يلزم رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة للوقاية من الفساد وتحديد اختصاصاتها مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وذكر التقرير الصادر في الدعوى رقم ٢٧١٨١ لسنة ٧٠ قضائية، المقامة من المحامي محمد حامد سالم، أن المشرع في إطار معالجته للأوضاع التي كان سببا في قيام ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، ومنها فساد عدد من المسئولين وذوي المناصب القيادية بالدولة، وكذلك ما لحقها من تولي جماعة فاسدة سدة للحكم حتى قيام ثورة ٣٠ يونيو٢٠١٣، فقد ارتأى وضع آليه لدرء أية سبل لقيام حالة من حالات الفساد.

وأضاف التقرير أن المشرع في سبيل ذلك أصدر القانون رقم ١٠٦ لسنة ٢٠١٣ بشأن حظر تعارض مصالح المسئولين في الدولة لتسري أحكامه على رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء والمحافظين وسكرتيري عموم المحافظات ورؤساء الوحدات المحلية ورؤساء المؤسسات والهيئات والمصالح والأجهزة العامة، ونواب ومساعدي الأشخاص شاغلي المناصب المشار إليها، ومن يفوضونهم في بعض اختصاصاتهم.

وأوضح التقرير أن القانون المشار إليه عرف ماهية تعارض المصالح باعتباره كل حالة يكون للمسئول الحكومي أو الشخص المرتبط به مصلحة مادية أو معنوية تتعارض تعارضا نسبيا مع ما تتطلبه وظيفته أو منصبه من نزاهة وحفاظ على المال العام، أو تكون سببا للكسب غير المشروع لنفسه أو للشخص المرتبط به، وفرّق القانون بين نوعين من تعارض المصالح هما: التعارض المطلق وهو الذي يترتب عليه ضرر مباشر للمصلحة أو الوظيفة العامة التي يتولاها المسئول، والتعارض النسبي وعرفه بأنه كل حالة يحتمل فيها وقوع ضرر على المصلحة أو الوظيفة العامة.

وأشار التقرير إلى استحداث ذلك القانون للجنة تتولى تطبيق أحكامه أسماها "لجنة الوقاية من الفساد" وأوكل إلى رئيس الجمهورية مسئولية إصدار قرار بتشكيلها وتحديد اختصاصاتها، موضحا أنه يبين من نصوص القانون رقم ١٠٦ لسنة ٢٠١٣ بشأن تعارض المصالح هذا القانون الموقوف -بشكل شبه كامل- على وجود تلك اللجنة التي تتولى مسئوليات منها استلام وحفظ صور من إقرارات الذمة المالية للمسئولين الحكوميين المعينين وتحديثها سنوياً، كما يُعهد إليها بتطبيق أحكام القانون بما في ذلك تقدير ما يعد تعارضاً مطلقاً أو تعارضا نسبياً وتقترح إجراءات تطبيق فصل ملكية الأسهم والحصص عن إدارتها للمسئولين الحكوميين، وتعيين خبراء ماليين مستقلين لتحديد السعر العادل في شأن تعامل المسئول الحكومي مع القطاع الخاص سواء بالبيع أو الشراء أو الإيجار أو الانتفاع أو التصرف على أي نحو.

كما تتولى اللجنة مسئولية تلقي إخطارات حصول المسئول الحكومي على أي قرض مالي أو تسهيل ائتماني أو شراء أصول، ومتابعة التزام كل مسئول حكومي عند تركه منصبه أو وظيفته ولمدة ثلاثة أشهر تالية، بألا يتولى منصب أو وظيفة بالقطاع الخاص لدى شركة أو جهة كانت تابعة أو مرتبطة بعمله السابق أو خاضعة لرقابته، أو القيام بأي أعمال مهنية خاصة ترتبط بها، أو التعامل مع الجهة التي كان يرأسها قبل الرجوع للجنة، بالإضافة إلى اقتراح اللوائح اللازمة لتنفيذ هذا القانون للعرض على مجلس الوزراء، فضلاً عن اختصاصات أخرى تناط بها بقرار من رئيس الجمهورية.

وأود التقرير أن القانون المشار إليه نصت المادة الرابعة منه على تخويل رئيس الجمهورية سلطة إصدار قرار بتشكيل "لجنة الوقاية من الفساد" وكان البين من استقراء نصوص القانون أن هذه اللجنة يعهد إليها بتتفيغذ أحكامه، وكان من بين نتائج عدم تشكيلها على النحو الذي استلزمه التشريع تعطيل هذا القانون تعطيلا كليا لتعلق تنفيذ أغلب أحكامه بوجود اللجنة المذكورة.

وانتهى التقرير إلى أنه يتعين على رئاسة الجمهورية الإسراع إلى تنفيذ أحكام القانون المشار إليه وتشكيل هذه اللجنة وتحديد اختصاصاتها؛ التزاما بتحقيق الشرعية وسيادة القانون ونزولا على مسئوليتها السياسية أمام السلطة التشريعية، وبناء عليه يمثل امتناعها عن إصدار قرار بتشكيل تلك اللجنة بعد أن تخطت فترة سريان القانون رقم ١٠٦ لسنة ٢٠١٣ الست سنوات، وانتهت عملية مراجعة التشريعات التي صدرت خلال المرحلة الانتقالية ولم يكن فيها مساسا بذلك التشريع، ومن ثم يشكل ذلك الامتناع قرارا سلبيا مخالفا للقانون.