النقض تؤيد مسؤولية وزير الداخلية عن تعويض مواطن قتلته الشرطة بالخطأ في ملاحقة أمنية

الأحد 5 يناير 2020

 

 

قضت محكمة النقض، برئاسة المستشار حسن حسن منصور، في حكم حديث، بتأييد حكم الاستئناف الصادر بإلزام وزير الداخلية بتعويض ورثة مواطن قتله أحد أفراد الشرطة بالخطأ خلال مطاردة متهم صادر ضده حكم قضائي بالإعدام في منطقة سكانية بمحافظة المحلة.

بدأت الواقعة في عام 2009، عندما طاردت قوات الشرطة متهمًا مطلوب ضبطه، حال استقلاله سيارة فى إحدى الشوارع المزدحمة، وتبادلت معه إطلاق النيران، ليسقط أحد المارة متوفيا جراء عيار ناري أصابه بالخطأ، لتقوم أسرته بمقاضاة وزير الداخلية ومدير الأمن؛ للحصول على تعويض عما لحقهم من أضرار مادية وأدبية وموروثة، وهو ما رفضته محكمة أول درجة، فاستنأفت الأسرة على الحكم أمام محكمة الاستئناف التي قضت بإلزام الوزير ومدير الأمن متضامين بأداء التعويض، وهو ما لم يلق قبول الأخيرين؛ فطعنا بصفتهما على الحكم أمام النقض التي قضت بتأييد الحكم بالنسبة للوزير وألغته لمدير الأمن؛ كونه من غير ذي صفة.

ودفع وزير الداخلية بمخالفة حكم الاستئناف للقانون والخطأ في تطبيقه، مستندا إلى أقوال شاهدي الأسرة من أن وفاة مورثهم كانت نتيجة قيام تابعيه بإطلاق الشرطة النيران حال مطاردتهم متهمين هاربين من تنفيذ الأحكام، مشيرًا إلى أن ذلك ينفي ثمة خطأ القوات، لاسيما وأن المتهم الذي قبض عليه في هذه المطاردة أدين بحكم نهائي وبات.

وردت محكمة النقض على هذا الدفع، بأن لرجال الشرطة عند القيام بمهام وظائفهم والمحافظة على الأمن العام والقبض على الفارين من العدالة اتخاذ ما يكفي من الوسائل لتحقيق هذه الأغراض، إلا أن ذلك حده عدم المساس بأمن وسكينة وأرواح الأفراد، مشيرة إلى أنه يجب على رجال الشرطة التدرج فى استعمال القوة ضد الخارجين على القانون، وأن يكون استخدامها بالقدر اللازم؛ لمنعهم من الهرب، حتى لا يصاب الأرباء، فى حين لا تقوم فى حق رجال الأمن أية مسئولية فى ذلك طالما لم يقم الدليل المقنع والإثبات الكافى على تقصيرهم أو تجاوزهم فى تنفيذ هذه الواجبات.

وذكرت النقض أن حكم الاستئناف بإلزام الوزير بصفته بالتعويض، يحمل أدلة سائغة على أنه المسئول عن الخطأ الذى أحدثه تابعوه، وتسبب فى وفاة مورث الأسرة، وذلك مما خلص إليه من الأوراق وأقوال الشهود فى الجناية موضوع التعويض، من أن رجال الشرطة طاردوا متهم مطلوب ضبطه حال استقلاله سيارة فى إحدى المناطق الآهلة بالسكان والمزدحمة بالمارة، دون الأخذ فى الاعتبار أنه من ذوي السوابق الإجرامية وشديدي الخطورة ومحكوم عليه بالإعدام، فتبادلا إطلاق النيران، فأصابت إحداها أحد المارة الأبرياء، مما أدى إلى مقتله.

وألغت المحكمة حكم التعويض بالنسبة لمدير الأمن، موضحة أن حكم الاستئناف بإلزامه بالتضامن فى أداء التعويض متضامن مع الوزير، جاء معيبيا يستوجب الإلغاء فى هذا الخصوص فقط؛ كون مدير الأمن تابع لصاحب الصفة فى الدعوى وهو وزير الداخلية.

وأوضحت النقض أن أصل النيابة القانونية هو الوزير الذي يمثل الدولة فى الشئون المتعلقة بوزارته، باعتباره المتولي على الإشراف على شئون وزارته والمسئول عنها، وله وحده مراقبة العاملين لديه والإشراف على أعمالهم ومحاسبتهم على الخروج عليها، إلا إذا أسند القانون صفة النيابة القانونية فيما يتعلق بشئون هيئة معينة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير الذي تتبعه.

وأشارت النقض إلى أن قانون هيئة الشرطة نص على أنها هيئة مدنية نظامية بوزارة الداخلية، تؤدى وظائفها وتباشر اختصاصها برئاسة الوزير وتحت قيادته، وهو الذى يصدر القرارات المنظمة لجميع شئونها ونظم عملها، وتنقسم إلى قطاعات نوعية وإقليمية، بقرار من الوزير الذي يرأس كل قطاع مساعد أول أو مساعد وزير، موضحة أن مؤدى القانون أن صاحب الصفة فى التعامل مع قطاعات وزارة الداخلية ومديريات الأمن التابعة لها، هو وزير الداخلية وليس مدير الأمن.